بَينه وَبَين العَبْد يستره عَن عمله وَحَتَّى لَا يخجل كَمَا ستر أهل الْجنان بالأنس بِهِ إِذا ذكرُوا ذنوبهم لم يخجلوا وَلم يثقل عَلَيْهِم ذكرهَا فَكل من كَانَ فِي الدُّنْيَا من الْأنس بِهِ أوفر حظا فَإِن ستره من ذنُوبه هُنَاكَ أكشف وأنسه بِاللَّه تَعَالَى أَكثر

والأنس بِاللَّه تَعَالَى من الاحتظاء من جماله فَإِذا كَانَ قلبه عِنْده فِي ملك الْجمال فالغالب عَلَيْهِ الْأنس وَجَزَاء الْأنس بِهِ الْيَوْم الأمل غَدا وَمن كَانَ قلبه عِنْده فِي ملك الْجلَال فالغالب عَلَيْهِ الهيبة وجزاؤه مِنْهُ الْأَمْن غَدا وَمن كَانَ قلبه عِنْده فِي ملك ملكه وَجَاوَزَ ملك الْجمال والجلال إِلَى وحدانيته وَانْفَرَدَ بِهِ فِي فردانيته وهم الَّذين وَصفهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِيرُوا فقد سبق المفردون قَالُوا من هم يَا رَسُول الله قَالَ الَّذين اهتروا بِذكر الله تَعَالَى يضع الذّكر اثقالهم يأْتونَ يَوْمئِذٍ خفافا فهم أمناؤه فِي أرضه قُلُوبهم فِي ملك الْملك فِي تِلْكَ الْخلْوَة الَّتِي قد انْقَطع علم الصِّفَات عِنْدهَا فَلَا يُوصف مَا فِي قُلُوبهم أَيَّام الْحَيَاة فجزاؤهم غَدا الدَّلال فَصَاحب الهيبة فِي عبودته ومعاملته من الْفرق كالميت فِي كل أَمر من أُمُوره على هول عَظِيم وخطر جسيم وَصَاحب الْأنس فِي عبودته ومعاملته قد خف عَنهُ ذَلِك لما يأمل من عطفه ورأفته بِهِ ومحبته وَصَاحب البهتة أَمِينه فَهُوَ كالمطمئن لِأَنَّهُ صَار فِي قَبضته وَهُوَ يَسْتَعْمِلهُ فباستعماله أشرف على الْأُمُور فَهُوَ المدل فِي دُنْيَاهُ المدل فِي آخرته وَهُوَ الْأمين الَّذِي بَسطه فانبسط وَهُوَ الْمُحدث وَهُوَ أَعلَى من الصِّنْفَيْنِ الْأَوَّلين صَاحب الْأنس وَصَاحب الهيبة فَإِن صَاحب الْأنس بَسطه الْأنس بِالْملكِ وَهَذَا قد بَسطه الْملك وشتان من بَسطه الْملك وَمن بَسطه الْأنس بِالْملكِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015