فَقيل لَهُ تب أَي ارْجع إِلَى مقامك فَلَمَّا رأى نَفسه عَارِيا طلب السّتْر فَفَزعَ إِلَى الله تَعَالَى عَن عريه فَستر فَقيل ارْجع إِلَى رَبك إِلَى مقامك فِي الْبيعَة مَعَ السّتْر فَأَنت فِي كنفه مَا دمت وَاقِفًا بمقام الْبيعَة فَلذَلِك بدىء بالاستغفار ثمَّ بِالتَّوْبَةِ قَالَ تَعَالَى {اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طُوبَى لمن وجد فِي صَحِيفَته اسْتِغْفَارًا كثيرا وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للقلوب صدءا كصدأ الْحَدِيد وجلاؤه الاسْتِغْفَار
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن العَبْد إِذا أذْنب نكتت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء فَإِذا عَاد نكتت أُخْرَى حَتَّى يسود الْقلب فَإِذا تَابَ وَنزع صقل قلبه ثمَّ تَلا {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
وَاعْلَم أَن للمغفرة دَرَجَات فمغفرة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر ومغفرة من بعده بأعمال بر عملوها لَا يَخْلُو من ذَلِك والستر أَنْوَاع فَمنهمْ من لَا يستر عَلَيْهِ أَيَّام الْحَيَاة فَإِذا صَار مَمَره إِلَى النَّار يستر لِئَلَّا تصيبه النَّار وَمِنْهُم من يستر فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلم يستر عَلَيْهِ فِي الْعرض وَمِنْهُم من يستر عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْعرض عِنْد الْمَلَائِكَة وخلا بِهِ ربه فِي السُّؤَال فلقي شدَّة الْحيَاء وَمِنْهُم من يستر عَلَيْهِ فِي الْحجب عَن نَفسه حَتَّى لَا يَرَاهَا فيستحيي وَمِنْهُم من يستر عَلَيْهِ سترا لَا يذكرهَا حَتَّى يذهب عَنهُ ذكرهَا فَذَاك ستر