وَهُوَ فَرح الظَّالِمين قَالَ الله تَعَالَى وفرحوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا مَتَاع
وَقَالَ فِي قصَّة قَارون {لَا تفرح إِن الله لَا يحب الفرحين}
وَفَرح بِفضل الله تَعَالَى وَرَحمته أَن فَضلهمْ بمعرفته وَالْإِيمَان بِهِ وَهَذَا فَرح الْمُقْتَصِدِينَ الشَّاكِرِينَ قَالَ تَعَالَى قل بِفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هُوَ خير مِمَّا يجمعُونَ
وَفَرح بِاللَّه تَعَالَى حَيْثُ انتبهوا أَنه رَبهم فِي عَظمته وجلاله ومجده وكبريائه وَملكه وَكَرمه وغناه وَهَذَا فَرح المقربين
فَالْأول عبد ملكته دُنْيَاهُ فَكَانَ بهَا يفتخر ويصول وَبهَا يفرح
ثمَّ أَفَاق إفاقة فملكته نَفسه بالعطايا الَّتِي وَردت على قلبه فَكَانَ بهَا يفتخر ويصول وَبهَا يفرح ثمَّ أَفَاق إفاقة فملكه الْحق ليروضه ويؤدبه بَين يَدَيْهِ حَتَّى يصلح لَهُ فَإِذا تمت رياضة الْحق لَهُ بِبَاب الْملك الْأَعْلَى رفع الْحجاب عَن قلبه وأوصله إِلَى قربه فَكَانَ بَين يَدَيْهِ بِهِ يفتخر وَبِه يصول وَبِه يفرح حَتَّى إِذا اطْمَأَن على الْمقَام واعتاده وسكنت مِنْهُ الأفراح والأهوال والدهشات من النّظر إِلَى جَلَاله وجماله قدمه إِلَى الْوَسِيلَة الْعُظْمَى والقربة الأوفى فغرق قلبه فِي وحدانيته فَصَارَ مُنْفَردا بِهِ مَشْغُولًا عَن جَمِيع صِفَاته فَهُوَ أَمِينه وَوَاحِد بَين عبيده فَهُوَ الَّذِي إِذا ناداه فِي أرضه يَا واحدي يصدق فِي قَوْله وهوالذي قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِيرُوا فقد سبق المفردون قَالُوا يَا رَسُول الله وَمن المفردون قَالَ الَّذين اهتروا فِي ذكر