الَّذِي يعز فِيهِ الْعَفو وَيظْهر الْجُود وَالْكَرم من رَبنَا وَمَا يقْضِي لَهُ هُنَاكَ فالخلق إِلَيْهِ أحْوج مِنْهُ فِي هَذِه الدُّنْيَا مِمَّا سَأَلَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّمَا سَأَلَهُ مملكة الدُّنْيَا وَقد كَانَ أَبَوَاهُ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام مِمَّن عرضت عَلَيْهِ الْخلَافَة فقبلها وَكَانَ حَاكم الله فِي أرضه
وَعرضت على لُقْمَان فَأبى فَأعْطِي الْحِكْمَة فَكَانَ حَكِيم الله فِي أرضه قَالَ الله تَعَالَى وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة أَن اشكر لله
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لُقْمَان كَانَ عبدا كثير التفكر حسن النّظر كثير الصمت أحب الله فَأَحبهُ الله فَمن عَلَيْهِ بالحكمة نُودي بالخلافة قبل دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَقيل لَهُ يَا لُقْمَان هَل لَك أَن يجعلك الله خَليفَة فِي الأَرْض تحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام إِن جبرني رَبِّي قبلت فَإِنِّي أعلم إِن فعل ذَلِك بِي أعانني وَعَلمنِي وعصمني وَإِن خيرني رَبِّي قبلت الْعَافِيَة وَلم أسأَل الْبلَاء فَقَالَت الْمَلَائِكَة بِصَوْت لَا يراهم يَا لُقْمَان لم قلت هَكَذَا قَالَ لِأَن الْحَاكِم بأشد الْمنَازل وأكدرها يَغْشَاهُ الظُّلم من كل مَكَان فيخذل أَو يعان وَإِن أصَاب فبالحري أَن ينجو وَلَئِن أَخطَأ أَخطَأ طَرِيق الْجنَّة وَمن يكن فِي الدُّنْيَا ذليلا خير من أَن يكون شريفا ضائعا وَمن يخْتَار الدُّنْيَا على الْآخِرَة فَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَلَا يصير إِلَى ملك الْآخِرَة فعجبت الْمَلَائِكَة لحسن مَنْطِقه فَنَامَ نومَة فغط بالحكمة غطا فانتبه فَتكلم بهَا ثمَّ نُودي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بعده بالخلافة فقبلها وَلم يشْتَرط شَرط لُقْمَان فَأَهوى فِي الْخَطِيئَة فصفح الله عَنهُ وَتجَاوز
وَكَانَ لُقْمَان يوازره بِعِلْمِهِ وحكمته فَقَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام