إِسْمَاعِيل حسن الْخلق والسماحة والشجاعة والموهبة إِنَّمَا تكون على قدر الْحَظ والجاه لَهُ عِنْده على قدر ذَلِك فَنَظَرْنَا إِلَى موهبه كل وَاحِد مِنْهُمَا وَمن أَي خزانَة أعطي لنستدل بِهِ على حظيهما مِنْهُ فَوَجَدنَا الْجهد وَالْعِبَادَة من خَزَائِن الْحِكْمَة والأخلاق من خَزَائِن الْمِنَّة فَنَظَرْنَا إِلَى الْحِكْمَة والْمنَّة من أَيْن بَدَت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فَوَجَدنَا الْحِكْمَة من الْعدْل بَدَت وَالْعدْل من الربوبية والربوبية من الْملك وَالْقُدْرَة وَوجدنَا الْمِنَّة أَنَّهَا بَدَت من الْعَطف والعطف من الْفضل وَالْفضل من الْجمال فَمن الْملك بدا الْغَضَب فأسعرت فاستجرت النَّار واسودت من الْغَضَب فَهِيَ سَوْدَاء مظْلمَة مشحونة بغضبه وَمن جماله بَدَت الرَّحْمَة وَظهر الْفضل والعطف حَتَّى اهتزت الْجنان وتوردت واستنارت بنوره فَهِيَ بَيْضَاء نورانية مشحونة برحمته وروحه وَإِنَّمَا هِيَ نظرة وجفوة فَأهل الثَّوَاب سعدوا مِنْهُ بنظرة وَاحِدَة وَأهل الْعقَاب شَقوا مِنْهُ بجفوة وَاحِدَة ففهمنا بمبلغ مَا علمنَا من ظَاهر مَا عَلَيْهِمَا وعَلى أولادهما من بعدهمَا مَا بطن من حظيهما وموهبتيهما وَإِنَّمَا كثر ولد إِسْحَق وظهروا فِي وَقت مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ أنقذهم من ملكة فِرْعَوْن وسخرته وَجَاء بالكتب من الله تَعَالَى وَظَهَرت العبودة لله تَعَالَى إِلَى وَقت عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ صَارَت فَتْرَة فظهرت مَنَازِلهمْ ودرجاتهم وجواهر نُفُوسهم بِمَا عاملهم الله تَعَالَى وَمَا عاملوه وَكثر ولد إِسْمَاعِيل وَظهر شَأْنهمْ بمبعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَظَهَرت سيرتهم فِي دينهم وَمَا عاملهم الله تَعَالَى وَمَا عاملوه فَتبين لنا بفعليهما شَأْن نُفُوسهم ومحلهم من الله تَعَالَى وحظوظهم
عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما كثر بَنو معد أغار مِنْهُم اربعون فَارِسًا على عَسْكَر بني إِسْرَائِيل فيهم مُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام فملئوا أَيْديهم من الْغَنِيمَة وَرَجَعُوا بغنيمتهم لم يستنقذ مِمَّا فِي أَيْديهم شَيْء فَقَالُوا لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أغار علينا بَنو معد وهم قَلِيل فَكيف لَو كَانُوا كثيرا وَأَنْتُم فِينَا فَكيف لَو لم تَكُونُوا فِينَا فَادع الله