عَلَيْهِ السَّلَام وَمِمَّا يدلك على ذَلِك دعوات إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ رفع الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَأتم بناءه فَقَالَ رَبنَا واجعلنا مُسلمين لَك ثمَّ قَالَ وَمن ذريتنا أمة مسلمة لَك فَإِنَّمَا سَأَلَ من ذُرِّيَّة إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام خَاصَّة أَلا يرى أَنه قَالَ على أثر ذَلِك {رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فالإسلام هُوَ تَسْلِيم النَّفس وبذلها والجود بهَا وَمن جاد بِنَفسِهِ على الله تَعَالَى فَلَا أحد أحسن خلقا مِنْهُ وَلَا أكْرم مِنْهُ فَلَيْسَ الشَّأْن فِي الْجُود بِالْمَالِ إِنَّمَا الشَّأْن فِي الْجُود بِالنَّفسِ حَتَّى يُسلمهُ إِلَى خالقه فجرت هَذِه الدعْوَة فِي ولد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام خَاصَّة أَن صيرهم أمة مسلمة لَهُ فوهب لَهُم أَخْلَاق الْكِرَام حَتَّى تكرمت نُفُوسهم على الله تَعَالَى بذلا حِين جَاءَهُم الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام وَمن قبل مَجِيء الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت تِلْكَ الْأَخْلَاق ظَاهِرَة فيهم فَلَمَّا جَاءَهُم الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام وجدهم مهذبين كراما فصاروا صديقين وأبرارا وأتقياء وحكماء وعلماء بِاللَّه تَعَالَى باذلين مهجهم وَأَمْوَالهمْ لله تَعَالَى وَالسُّيُوف على عواتقهم وَالْحجر على بطونهم من الْجُوع وينصرون الله وَرَسُوله
وَبَنُو إِسْرَائِيل قَالُوا لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إذهب أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ وَقيل لأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل}