فِيهِ وَكَيف ضَاقَ عمر رَضِي الله عَنهُ وَمن بعد عمر عَامَّة أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بلغ من أَمرهم أَنه أَمر مناديه فَنَادَى بِأَن يحلقوا رؤوسهم فَلم يحلقوا حَتَّى دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيْمَة فَقَالَ يَا أم سَلمَة أَلا تَرين أَن النَّاس لَا يحلقون فَقَالَت يَا نَبِي الله بِأبي أَنْت وَأمي احْلق أَنْت فَلَو قد رأوك حلقت لقد فَعَلُوهُ فحلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ النَّاس يحلقون وَمِنْهُم من قصر فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالُوا والمقصرين يَا رَسُول الله قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالُوا والمقصرين يَا رَسُول الله قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالُوا والمقصرين يَا رَسُول الله قَالَ والمقصرين قَالُوا ظَاهَرت بالترحم وَالْمَغْفِرَة للمحلقين قَالَ لأَنهم لم يشكوا
فَلَيْسَ هَذَا شكا فِي أصل الْفِعْل إِنَّمَا الشَّك هُنَا ضيق الصَّدْر بذلك الْفِعْل احتاجوا إِلَى أَن يحلقوا وهم فِي إِحْرَام وَلم يحلوا بعد لِأَن السَّبِيل كَانَ عِنْدهم فِي الْجَاهِلِيَّة وراثة أَن لَا يحل أحد من إِحْرَامه دون الطّواف بِالْبَيْتِ فَلَمَّا أَمرهم بِالْحلقِ استعظموا ذَلِك وَضَاقَتْ صُدُورهمْ ثمَّ اتَّبعُوهُ فقصروا كَأَنَّهُمْ على كَرَاهَة شَدِيدَة وَهَذَا من خلق النَّفس وكزازته فحرموا الدعْوَة للكزازة الَّتِي فيهم وركوب الْهوى
وَقَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لن أُخَالِف أمره أَي لن أُخَالِف أَمر الله أَي لن أُخَالِف مَا استقبلني من وَجه الْأَمر وَمن توفيقه لما هُوَ أحب إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَن أهل مَكَّة لما تلقوهُ ليردوه فِي جمعهم أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَسْفَل مَكَّة فَلَمَّا بلغ الْحُدَيْبِيَة بَركت نَاقَته فَقَالَ النَّاس