عَن كثير بن مرّة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أطعمينا يَا عَائِشَة قَالَت لَيْسَ عندنَا طَعَام قَالَ أطعمينا يَا عَائِشَة قَالَت وَالله مَا عندنَا طَعَام فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يَا رَسُول الله إِن الْمَرْأَة المؤمنة لَا تحلف أَنه لَيْسَ عندنَا طَعَام وَهُوَ عِنْدهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يدْريك أَنَّهَا مُؤمنَة إِن الْمَرْأَة المؤمنة فِي النِّسَاء كالغراب الأعصم فِي الْغرْبَان وَإِن النَّار خلقت للسفهاء وان النِّسَاء من السُّفَهَاء إِلَّا صَاحِبَة الْقسْط والسراج
قَالَ أَبُو عبد الله يعرفك هَذَا الحَدِيث أَن الْمُؤمن فِي ذَلِك الْوَقْت بأية صفة كَانَ عِنْدهم
فَأم قَوْله صَاحِبَة الْقسْط والرج فالقسط الْعدْل وَهُوَ الَّذِي على سَبِيل استقامة وَهُوَ المقتصد والقسط وَالْقَصْد بِمَعْنى وَاحِد إِلَّا أَن هَذَا مُسْتَعْمل فِي نوع وَذَاكَ فِي نوع كَمَا قيل تَوْكِيل وتفويض وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى وَاحِد إِلَّا أَن التَّوْكِيل فِي أَسبَاب الرزق يسْتَعْمل والتفويض فِي سَائِر الْأُمُور فالقسط الْعدْل من أُمُوره وَالْقَصْد أَن تَأْخُذ من كل أَمر وَسطه وَهُوَ الَّذِي أَمر بِهِ وَأما السراج فَهُوَ الْيَقِين وَمن أشرق فِي قلبه الْيَقِين فقلبه يزهر وَمِنْه قَول حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قلب أغلف وَهُوَ قلب الْكَافِر وقلب مصفح وَهُوَ قلب الْمُنَافِق وقلب أجرد وأزهر وَهُوَ قلب الْمُؤمن وَإِنَّمَا يزهر بالسراج الَّذِي فِيهِ
عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شبهت خُرُوج الْمُؤمن من الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة إِلَّا مثل خُرُوج الصَّبِي من بطن أمه من ذَلِك الْغم والظلمة إِلَى روح الدُّنْيَا
فالمؤمن الَّذِي هُوَ بَالغ فِي إيمَانه الدُّنْيَا سجنه وَهِي مظْلمَة عَلَيْهِ ضيقَة حَتَّى يخرج مِنْهَا إِلَى روح الْآخِرَة وَهَذَا غير مَوْجُود فِي الْعَامَّة وَإِنَّمَا ذكر الْمُؤمن وَوَصفه بذلك ليعلم أَن الْمُؤمن عِنْدهم الْبَالِغ فِي إيمَانه وَهُوَ