أَي صَار وقاية لعقدة التَّوْحِيد أَن لَا يمازجه شرك ثَان مَعَه فَإِنَّهُ وَاحِد لَا ثَانِي لَهُ فَرد لَا نَظِير لَهُ
وَهَذِه الْكَلِمَة فِي قالب الافتعال لَا فِي قالب فعل لِأَن فعل هُوَ قالب الظَّاهِر وافتعل هُوَ قالب الظَّاهِر وَالْبَاطِن فَقيل اتَّقى وَكَانَ حَقه أَن يَقُول أوتقى لِأَن الْوَاو فِي أصل الْكَلِمَة مَوْضُوعَة لِأَنَّهَا أصيلة من قَوْله وقى يقي وقاية فَلَمَّا صَار افتعل كَانَ حَقه أَن يُقَال أوتقى فَثقلَتْ على الْأَلْسِنَة لِاجْتِمَاع الْوَاو وَالتَّاء فأدغمت الْوَاو فِي التَّاء وشددت التَّاء فَقيل أتقى يَتَّقِي اتقاء وَالِاسْم مِنْهُ تقوى
فَقَوله لَا إِلَه يَنْفِي وَقَوله إِلَّا إِلَه اسْتثِْنَاء لِئَلَّا يَقع النَّفْي على الْجَمِيع فَلَو قَالَ لَا إِلَه ثمَّ اقْتصر لَكَانَ نفي الْجَمِيع فابتدأ بِنَفْي الْحَدث بقوله لَا إِلَه ثمَّ قَالَ إِلَّا الله لِئَلَّا يَقع النَّفْي على هَذَا الِاسْم وَهُوَ قَوْله إِلَه فَإِنَّمَا هما كلمتان نفي ب لَا وَأثبت ب إِلَّا فَقَوله لَا حرفان لَام ثمَّ ألف وَإِلَّا أَرْبَعَة أحرف ألف ثمَّ لامان مدغمة أَحدهمَا فِي الْأُخْرَى ثمَّ ألف فَكَأَنَّمَا أخرجت هَذِه الْكَلِمَة على صُورَة إشارات الْقُلُوب وقصدها لِأَن الْقلب لما حيى بِنور الْحَيَاة انفتحت عينا الْفُؤَاد بِالنورِ وَجَاء نور الْهِدَايَة وَنور الْمعرفَة فتراءى لعَيْنِي الْفُؤَاد انزعج الْقلب مرتحلا عَن وَطنه إِلَى ذَلِك النُّور الَّذِي عاين حَتَّى لقِيه فاطمأن وَسكن إِلَى معبوده وبذل النَّفس للعبودة ثمَّ خطر بِقَلْبِه بَال إلهه وَأَنه أشرك فِي ملكه غَيره وَأَن قلوبا ولهت إِلَى غَيره افتقارا فهاجت مِنْهُ الْمحبَّة المنطوية فِي نور التَّوْحِيد وَالْهِدَايَة والمعرفة فحمى الْقلب من حرارة الْمحبَّة فَمن تِلْكَ الْحَرَارَة قوي الْقلب حَتَّى قَامَ منزعجا بعضلاته وعروقه فنفى ولههم وافتقارهم إِلَى من دونه وأبطله فَلَمَّا احْتَاجَ إِلَى إبراز تِلْكَ الْقُوَّة للنَّفْي أبرز بِاللَّامِ ثمَّ بِالْألف وَإِنَّمَا ابتدئ بِاللَّامِ لِأَن عظم الْقُوَّة فِيهَا وَهِي نزيع الْألف فَإِنَّهُ كَانَ أَولا ألفا ثمَّ نزع مِنْهَا لَام فعظمت الْقُوَّة فِي اللَّام فنفى الْقلب كل رب ادّعى الْعباد لَهُ