فَقَالَ {جنَّات عدن تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} ثمَّ بَين لمن هِيَ فَقَالَ {الَّذين يَقُولُونَ رَبنَا إننا آمنا} إِلَى قَوْله {بالأسحار}
وَإِنَّمَا صَارَت الدُّنْيَا ملعونة مذمومة من أجل أَنَّهَا غرت النُّفُوس بنعيمها وزهرتها ولذتها والشهوة واللذة فِي النُّفُوس فَإِذا ذاقت النُّفُوس طعم النَّعيم اشتهت ولذت فمالت عَن العبودة إِلَى هوى النَّفس وَإِنَّمَا جعلهَا زِينَة فِي نفوس الْعباد وَأعْطى من تِلْكَ الزِّينَة الْعَدو ليوسوس بِتِلْكَ الزِّينَة ويمازج بهَا تِلْكَ الزِّينَة الَّتِي وَضعهَا الله فِي الْعباد وحبها وشهوتها ليبلوهم أَيهمْ أحسن عملا فِي هَذِه الزِّينَة ليتواضع لله فِيمَا أعطَاهُ من الزِّينَة ويشكره عَلَيْهِ أَو يتكبر عَلَيْهِ ويكفره كَمَا قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ قَالَ {أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا} فَقَالَ ذَلِك الجني {أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن تقوم من مقامك} فاستبطأه فَقَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب وَهُوَ اسْم الله الْأَعْظَم {أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقرًّا عِنْده} أَعنِي السرير قَالَ هَذَا من فضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءأشكر أم أكفر أَي أقدر هَذَا الْإِنْسِي على مَا لم أقدر عَلَيْهِ وَأعْطى مَا لم أعْط فابتلاني بِرُؤْيَة مَا أعْطى لِيَبْلُوَنِي ءأشكر فأعدته بِمَا أعطَاهُ من نعْمَة عَليّ لِأَنَّهُ حَولي أَو أحسده فَأكفر النِّعْمَة
فَهَذِهِ الْأَشْيَاء إِنَّمَا غرت المفتونين الَّذين لما تناولوها عميت عيونهم