وَإِذا قصدُوا السُّلْطَان ارتبعوا فِي ظله وسكنت نُفُوسهم فِي المستراح من ذَلِك الظل فَإِن الظُّلم لَهُ وهج وحرارة تحرق الأجواف وتظمأ الأكباد فَإِذا رَأَتْ الْغنم الظل وأحست بِالْمَاءِ اندفعت فِي السّير وصيرته مفزعا فَإِذا صَارَت إِلَى الظل مَعَ الظمأ والعطش الشَّديد لم تَجِد المَاء فَبَقيت على اليبس وَوجدت الذئاب قد سبقن إِلَى الظل وقعدن بِمَرْصَد للغنم فَمَا ظن الْعَاقِل بِتِلْكَ الْغنم مَاذَا يكون حَالهَا وَمَا ظَنّه بِرَبّ الْغنم مَاذَا يَقُول لِلرَّاعِي وَعَسَى أَن يَقُول لَهُ ألم يكن مَعَك أسلحة وحراس تطرد الذئاب عَن هَذَا المستراح وَكَيف سددت مجْرى الْعُيُون حَتَّى عطشت الْغنم

وَأما قَوْله إِذا جارت الْوُلَاة قحطت السَّمَاء مَعْنَاهُ انْقِطَاع الْمَطَر من مَاء الْحَيَوَان الَّذِي ينزل من تَحت الْعَرْش من بَحر الأرزاق إِلَى السَّمَاء فِي الأبزن والأبزن هُوَ مستنقع المَاء فِي السَّمَاء فَإِذا أصَاب السَّمَاء الْقَحْط انْقَطع عَن الأَرْض الْقطر فَإِذا انْقَطع الْقطر مَاتَت الأَرْض فَلم تنْبت لِأَن الأَرْض إِنَّمَا تنْبت بحياتها وحياتها من مَاء الْحَيَوَان فَإِذا جارت الْوُلَاة ذهب الْعدْل عَن الأَرْض وَإِذا ذهب الْعدْل منعت الْحَيَاة مَاء الْحَيَوَان عَن أَن يقطر فالوالي فاصل بَين الْحق وَالْبَاطِل فَإِذا ذهب الْفَاصِل انْقَطَعت الرَّحْمَة

وَأما قَوْله إِذا منعت الزَّكَاة هَلَكت الْمَوَاشِي فَإِن الزَّكَاة نمو المَال والنمو من الْبركَة وَإِذا منعت الزَّكَاة دنس المَال وَلَا بَقَاء للبركة مَعَ الدنس وَإِذا ارتحلت الْبركَة عَن شَيْء هلك ذَلِك الشَّيْء

وَأما قَوْله إِذا ظهر الزِّنَا ظهر الْفقر فَمن أجل أَن الْغنى من فضل الله تَعَالَى وَالْفضل لأهل الْفَرح بِاللَّه وبعطائه والمناكحة بمحاب الله وبأمره وحبه يلتقي الزَّوْجَانِ على الأفراح بِاللَّه وعدهم الله بذلك فِي تَنْزِيله الْغَنِيّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015