بِأَرْبَع بِالْقُرْآنِ وَهُوَ كَلَامه كي يهتدوا بِهِ إِلَى الله تَعَالَى وبالسلطان وَهُوَ ظله كي يتمانعوا بِهِ عَمَّا فِي أَيْديهم من المهجة وَالْمَال والأهل وَالْولد وبالإيمان وَفِيه نور كي يهتدوا بِهِ إِلَى خالقهم وَبِالْكَعْبَةِ وَهِي أشرف الْبُنيان كي يفوزوا بِالرَّحْمَةِ الَّتِي فِيهَا إِذا طافوا بهَا فَإِذا قصدُوا الله جعلُوا نوره مرْآة قُلُوبهم فَيَنْظُرُونَ فِيهَا إِلَى عجائب مَا أبرز من ملكه من لدن عَرْشه إِلَى الثرى وَإِلَى عجائب تَدْبيره فيهم وَإِلَى قدرته عَلَيْهِم فأداهم ذَلِك النّظر بِقُوَّة ذَلِك النُّور إِلَى عَظمته وجلاله ونفاد قدرته وَإِلَى جوده وَكَرمه ولطفه وَعطفه عَلَيْهِم وبره بهم وعظيم مننه فامتلأت صُدُورهمْ وَقُلُوبهمْ بِهِ غنى وقويت أركانهم للْقِيَام بأموره وانقادت نُفُوسهم واستسلمت لله وَإِذا قصدُوا الْقُرْآن جعلُوا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم علما لعسكر الْقُرْآن فَإِن الْقُرْآن بِمَنْزِلَة جند وعسكر فِيهِ ألوان الأسلحة وآلات الْحَرْب وَالْعدة فِيهِ يحارب الْهوى وَالنَّفس والعدو وَيبْطل مكائدهم قَالَ تَعَالَى {فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى}
وبسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قسم من رَبنَا عِنْد رَأس كل سُورَة يقسم لِعِبَادِهِ أَن هَذَا الَّذِي وصفت لكم يَا عبَادي فِي هَذِه السُّورَة حق وَأَنِّي أَفِي لكم بِجَمِيعِ مَا ضمنت فِي هَذِه السُّورَة من وعدي ولطفي وبري ثمَّ حض الشَّيْء الَّذِي بِهِ عظمت فتْنَة الْعباد وَهُوَ الرزق فخصه بقسم آخر فَقَالَ {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّه لحق مثل مَا أَنكُمْ تنطقون}
وَإِذا قصدُوا الْكَعْبَة لاذوا بهَا وجددوا بيعَة الْإِسْلَام الَّذِي دنسوه وأخلقوه باستلام الْحجر الَّذِي فِيهِ بيعتهم حِين استخرجهم من الأصلاب للميثاق