نور الْيَقِين فَكلما كَانَ الصَّدْر بِالْيَقِينِ أنور كَانَ أوسع وَأكْثر انشراحا فباليقين ينجو العَبْد من وبال الشَّك وبالإخلاص ينجو من وبال الشّرك فَعندهَا يَتَوَلَّاهُ الله وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى لداود عَلَيْهِ السَّلَام يَا دَاوُد هَل تَدْرِي مَتى أتولاهم إِذا طهروا قُلُوبهم من الشّرك ونزعوا من قُلُوبهم الشَّك فخلق الْآدَمِيّ والأسباب مشتبكة بِهِ لَا يرى مسببا إِلَّا فِي غيب وربوبية الرب قَائِمَة فِي ذَلِك الْغَيْب وَفِي جَمِيع الْأَسْبَاب لَا تكون إِلَّا بِهِ فَالله مكونها وَبِاللَّهِ يَدُوم مَا كَون والآدمي لم ير التكوين وَلَا التدويم إِلَّا رُؤْيَة الْإِيمَان بِالْغَيْبِ فاستقر قلبه إِيمَانًا بذلك ثمَّ جَاءَت النَّفس بشكها وشركها فأوردت وَلَو رجعت على الْقلب حَتَّى صَار الْقلب ذَا شكّ وشرك فَلَا يزَال صَاحبهَا يضيع هَذَا الْأَمر ويهمله حَتَّى يحل العقد وَمِنْه عقدَة الْإِيمَان فيكفر وَالَّذِي أغاثه الله وأيده لما رأى ضعف الْيَقِين وانقياد الْقلب للنَّفس بِمَا أوردت عَلَيْهِ فزع إِلَى الله حَتَّى قواه وأيده فَإِذا رزق الله عبدا نور الْيَقِين وَنور التَّوْحِيد صَار الْقلب موقنا مخلصا فبقوة هذَيْن يمحو خواطر النَّفس فِي الصَّدْر تِلْكَ الخواطر الَّتِي تورد شكا وشركا فاستقام الْقلب وصلب واستقرت النَّفس منقادة للقلب فَإِذا صَار بِهَذَا الْحَال خَفِي ذَلِك الشَّك والشرك فَلم يُؤثر مَا بَقِي من ذَلِك فِي قُلُوبهم كَمَا لَا يُؤثر دَبِيب النَّمْل على الصَّفَا لِأَن الَّذِي خَفِي من الْبَقِيَّة لَا يقدر أَن يزعزع النَّفس أَو يشغل الْقلب عَن الله

أَلا ترى أَنه قَالَ فِي حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَفلا أدلك يَا أَبَا بكر على مَا يذهب الله بِهِ صغَار الشّرك وكباره عَنْك قَالَ بلَى رَسُول الله قَالَ تَقول كل يَوْم ثَلَاث مَرَّات اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أشرك بك وَأَنا أعلم وأستغفرك لما لَا أعلم

فصغار الشّرك مثل قَول الرجل مَا شَاءَ الله وشئت وَمن الند أَن يَقُول لَوْلَا فلَان لَكَانَ كَذَا وَكَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015