رَبهَا فَلَمَّا كَانَ شَأْن هَذِه الحظوظ على مَا وَصفنَا وَأحب الله أَن يوصلها إِلَيْهِم من طَرِيق دُعَائِهِمْ هيأ لَهُم فَاتِحَة الْكتاب فأنزلها على هَذِه الْأمة دون سَائِر الْأُمَم وخصهم بهَا كَمَا خصهم بِالدُّعَاءِ فَجعل نصفهَا دُعَاء وَنِصْفهَا ثَنَاء ليثني العَبْد بقوله تَعَالَى {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين} إِلَى قَوْله {إياك نعْبد} ثمَّ يرفع حَاجته من قَوْله {وَإِيَّاك نستعين} إِلَى آخرهَا ثمَّ أَعْطَاهُم آمين
خصهم من بَين سَائِر الْأُمَم ليصير التَّأْمِين طابعا على دُعَائِهِمْ فيختم بِهِ فَأنْزل عَلَيْهِم فَاتِحَة الْكتاب وخزنها عَن الْأُمَم ليثنوا عَلَيْهِ بأبلغ الثَّنَاء ويسألوه أوجز الْمسَائِل فَفِي ذَلِك الثَّنَاء مجمع الثَّنَاء وَفِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة مجمع الْحَاجَات وَهَذَا لَا يعقله إِلَّا أَهله ثمَّ وَضعهَا فِي التَّنْزِيل وسماها الْقُرْآن الْعَظِيم فَقَالَ {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم}
فَروِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا السَّبع المثاني وَإِنَّهَا الْقُرْآن الْعَظِيم يَعْنِي فَاتِحَة الْكتاب
فوفر الله حَظّ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحظوظ أمته فِي حَظه وبرز بذلك على الْخلق فَجعل ذَلِك الْحَظ كُله فِي