من الْحر وَالْبر وَبِه يتوقى الْأَذَى وَالْمَشَقَّة وَيدْفَع الشدائد من الْأَحْوَال
قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم الَّتِي جعل الله لكم قيَاما}
أعلمك أَن هَذَا قيامك أَي قوامك فِي أَمر دينك ودنياك فالمؤمن دينه ودنياه جَمِيعًا فِي دُنْيَاهُ وَإِن عمل لآخرته فَإِنَّمَا يعْمل فِي دُنْيَاهُ وَإِن عمل لدُنْيَا فَإِنَّمَا يعْمل فِي دُنْيَاهُ فَهَذَا المَال على مَا وَصفنَا حقيق أَن يُسمى خيرا لِأَن الْخيرَات بِهِ تقوم فَإِذا أحبه فَاشْتَدَّ حبه لَهُ فَغير معيب وَلَا ملوم ثمَّ يفْتَرق حبه فَيصير على ضَرْبَيْنِ فَإِن كَانَ حبه لِلْمَالِ من أجل حب الله فَهُوَ مَحْمُود وَإِن كَانَ حبه لَهُ من أجل حب نَفسه الدنية البالية غَدا فِي التُّرَاب فَهُوَ مَذْمُوم لِأَن حبه لَهُ من هَذَا الْوَجْه حب فتْنَة والفتنة تهديه إِلَى النَّار لِأَن ذَلِك الْحبّ شَهْوَة والشهوة بِبَاب النَّار
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام حفت النَّار بالشهوات
وَإِن كَانَ من حب الله أحبه فَذَلِك الْحبّ نور على قلبه قَالَ لَهُ قَائِل وَكَيف يكون حب المَال من حب الله تَعَالَى قَالَ علم العَبْد أَن الله تَعَالَى أمره بِأُمُور وَجعل مرضاته فِي تِلْكَ الْأُمُور وَأَن تِلْكَ الْأُمُور لَا تقوم إِلَّا بِالْمَالِ فَمن أحب ربه أحب أمره وابتغاء مرضاته ثمَّ نظر فَإِذا تِلْكَ الْأُمُور لَا تقوم إِلَّا بِالْمَالِ فَلَيْسَ من الْمحَال أَن يحب شَيْئا من أجل حب ربه ثمَّ يعلم أَن ذَلِك الشَّيْء لَا يقوم وَلَا يتهيأ لَهُ إِلَّا بِشَيْء آخر ثمَّ لَا يحب هَذَا الشَّيْء الثَّانِي وَكَيف لَا يحب العَبْد نعْمَة يلتذ بهَا ويجد تِلْكَ النِّعْمَة