فَهَذَا كتاب رب الْعَالمين ينْطق بِأَن الله تَعَالَى قَالَ هَذَا وَلم يُخرجهُ مخرج الْأَمر وَلَكِن أبرزه فِي معرض القَوْل فَقَالَ {وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} فَمن يعلم مَا فِي حَشْو هَذِه الْكَلِمَة اشتفى بِهِ ثمَّ إِذا دَعَا دَعَا على يَقِين من الْإِجَابَة ثمَّ ينْتَظر الْوَقْت كَمَا قَالَ الله لمُوسَى وَهَارُون عَلَيْهِمَا السَّلَام {قد أجيبت دعوتكما فاستقيما وَلَا تتبعان سَبِيل الَّذين لَا يعلمُونَ} أَي أَن سَبِيل الَّذين لَا يعلمُونَ الاستعجال

وَلذَلِك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يزَال العَبْد بِخَير مَا لم يستعجل ربه قيل كَيفَ يستعجل ربه يَا رَسُول الله فَقَالَ يَقُول دَعَوْت فَلم تستجب لي

فَهَل استعجاله إِلَّا من قلَّة فقهه لَا يعي أَن ربه قد خار لَهُ حِين يَأْتِي وقته فيعطيه أَكثر مِمَّا سَأَلَ

وَرُوِيَ فِي الْخَبَر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِذا دَعَا العَبْد قَالَ الله تَعَالَى يَا جبرئيل احْبِسْ حَاجَة عَبدِي فَإِنِّي أحب صَوته وَقد أَجَبْته إِلَى مَا سَأَلَ

فَإِذا فقه هَذَا لم يستبطئ إجَابَته وَلم يستعجل ربه فالفقه فِي هَذَا لَا فِي تِلْكَ المخاتلات والخدائع الَّتِي يجدهَا العبيد الاباق فِي سيرهم إِلَى الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015