فَإِذا خطرت الخاطرة فِي الصَّدْر بَين عَيْني الْفُؤَاد نظر الْعقل فَإِن رَآهَا حَسَنَة وأمرا رشيدا قدر ودبر مَاذَا يُرَاد وَكم يُرَاد وَمَتى يُرَاد وَإِلَى مَتى يُرَاد وَإِن رَآهَا سَيِّئَة وغيا نفاها من الصَّدْر فَفِي هَذَا الْوَقْت للنَّفس مُنَازعَة مَعَ الْقلب والهوى مَعَ الْعقل فِي هَذِه الخاطرة النَّفس تشْتَهي والهوى يزعج النَّفس ويشجعها والعدو يزين ويمني ويغر فَإِذا جَاءَ مدد الْأَخْلَاق بَطل تَزْيِين الْعَدو وأمانيه وانكشف غروره وَأدبر الْهوى قهقرى وَجَاء مدد كنوز الْمعرفَة وَمد الْملك يَده إِلَى جَوَاهِر الْعلم بِاللَّه فِي الخزانة فانمحقت المخاطرة وأسبابها وجنودها وأعوانها فَإِن الخاطرة كَانَت طَلِيعَة النَّفس والهوى والعدو هَذَا إِن كَانَت خاطرة الغي وَإِن كَانَت رشدا كَانَت طَلِيعَة الْحق عز هَذَا الْملك ومنعته وقوام مَمْلَكَته بِهَذِهِ الْكُنُوز وَهَؤُلَاء القواد وَهِي الْأَخْلَاق الَّتِي أحدقت بِالْقَلْبِ فَإِذا دبر الْعقل وَقدر مَا رَآهُ حسنا أَمْضَاهُ الْقلب لِأَن محَاسِن الْأَخْلَاق كائنة فِي الطَّبْع وَالنَّفس تتماسك فِي الْأَمر وتنقاد للقلب بالطبع فَإِذا كَانَ الْخلق بالطبع ظهر ذَلِك الْخلق وسلطانه فِي الصَّدْر حَتَّى يقوى الْقلب بِهِ فَيخرج من الصَّدْر إِلَى الْأَركان ذَلِك الخاطر الَّذِي قدره الْعقل فعلا حسنا مُقَدرا مُدبرا فِي يسر بِلَا عسر وَلَا تلجلج وَلَا تردد وَلَا تَقْدِيم وَلَا تَأْخِير وَلَا غلو وَلَا تَقْصِير وَلَا الْتِفَات إِلَى رشوة النَّفس من طَرِيق الثَّوَاب والعلائق لِأَن الْأَخْلَاق تصير النَّفس حرَّة سخية وسخاوتها حريتها والسخاء والخساء بِمَعْنى وَاحِد إِلَّا أَن الخساء هُوَ الْبعيد من الْأَشْيَاء والسخاء هُوَ انْفِرَاد النَّفس من الشَّيْء وعتقها من رقها والخسا والزكا هما ضدان والخسا الْفَرد والزكا الزَّوْج وهما مقصوران غير ممدودين فَجَمِيع محَاسِن الْأَخْلَاق تؤول إِلَى الْجُود وَالْكَرم والسخاء فَإِذا سخت النَّفس تكرمت وَإِذا تكرمت جَادَتْ

فأخلاق الله تَعَالَى أخرجهَا لِعِبَادِهِ من بَاب الْقُدْرَة وخزنها للعباد فِي الخزائن وَقسمهَا على أَسْمَائِهِ الْحسنى وَأَمْثَاله الْعليا فَإِذا أَرَادَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015