أخلاقه حر عَن رق النَّفس وَلذَلِك قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لبني إِسْرَائِيل لَا عبيد أنقياء وَلَا أَحْرَار كرماء
فالحليم كريم أَيْنَمَا انْقَادَ والحليم يحْتَمل أثقال الْأَمر وَالنَّهْي بِلَا كبد وَلَا مجاهدة فَكَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مِمَّن احْتمل الأثقال ابْتُلِيَ بالنَّار وابتلي بِالْهِجْرَةِ والغربة وابتلي بسارة وابتلي بالختان وابتلي بِذبح الْوَلَد فجاد بِنَفسِهِ وَولده فَقَالَ الله تَعَالَى {إِن إِبْرَاهِيم لحليم أَواه منيب}
قَوْله قصدا فِي غنى الْقَصْد الْقسْط إِلَّا أَن الْقَصْد فِي الْأَفْعَال والأعمال والقسط فِي الأوزان قَالَ الله تَعَالَى {واقصد فِي مشيك} أَي الْمَشْي الْوسط لَا الوهن الكسلان وَلَا السَّرِيع العجلان
وَرُوِيَ أَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَهُ ضيف فَبَيْنَمَا هُوَ قَاعد عِنْده إِذْ جَاءَهُ الرَّاعِي على يَده بهمة قد وَلَدهَا فَقَالَ لَهُ اذْبَحْ شَاة ثمَّ قَالَ للضيف لَا تحسبن أَنا من أَجلك ذبحنا وَلَكِن لنا شِيَاه مائَة فَإِذا ولد الرَّاعِي بهمة ذبحنا مَكَانهَا شَاة فَهَكَذَا الْقَصْد إِن الله إِذا رزقه اقتصد قَالَ الله تَعَالَى {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات}
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله تَعَالَى {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} من كَانَ فِيهِ ثَلَاث خِصَال فقد أُوتِيَ مَا أُوتِيَ آل دَاوُد خشيَة الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَالْقَصْد فِي الْغنى والفقر وَالْعدْل فِي الْغَضَب والرضاء