أما أولا فلأنه يجب أن لا يحصل العلم بتلك اللغات لغيرهم، لأنه لا يحصل العلم بها إلا بالتعلم منهم وهو غير حاصل منهم إذ / (14/أ) الثقة لا تحصل بقولهم وفعلهم.

وأما ثانيا: فلأن من البعيد أن يصير غير العاقل عالما بهذه اللغات العجيبة والتركيبات البديعة وبمعانيها الغريبة.

والثالث أيضا: باطل وهو أن ذلك الطريق غيرهما، لأن الكلام فيه كالكلام في الأول ولا يتسلسل لبطلانه، بل ينتهي إلى الاصطلاح وهو المطلوب.

والجواب: عن الأول أنا لا نسلم توقف التوقيف على البعثة، لأنه يجوز أن يخلق الله فيهم علما ضروريا بأن واضعا وضع تلك الألفاظ لتلك المعاني لا أنه تعالى وضع.

وبه خرج الجواب أيضا عن الثاني، لأنه لا يلزم حينئذ أن تكون معرفة الله ضرورية.

ثم نقول: ما ذكرتم معارض بما أن اللغات لو كانت اصطلاحية لما حصل القطع بشيء من مدلولات الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة لاحتمال أن يقال أنها كانت في العصر الأول تدل على معاني غير ما نعرفه الآن، ثم أن الناس اصطلحوا بعد ذلك العصر على دلالتها على هذه المعاني التي نعرفها الآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015