وأما القائلون بالاصطلاح فقد احتجوا بوجهين:-
أحدهما: قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}.
دلت الآية على تقديم اللغات على البعثة المتوقف عليها التوقيف، فلو كانت اللغات توقيفية لزم تقدمها على البعثة وتأخيرها عليها معا وهو محال.
وثانيهما: لو كانت اللغات توقيفية فطريق وصولها إلى الخلق، إما الإيحاء أو خلق العلم الضروري فيهم بأنه تعالى وضع تلك الألفاظ لتلك المعاني أو غيرها، والأول باطل لما تقدم، والثاني أيضا كذلك، لأن خلق ذلك العلم، إما أن يكون في جميع الخلق المكلفين وغير المكلفين، أو في المكلفين فقط، أو في غيرهم فقط، والقسمان الأولان باطلان لاقتضائهما كون العلم بالله ضروريا، لأنه لما خلق فيهم علما ضروريا بأن واضع الألفاظ لمعانيها هو الله تعالى كان العلم بالله تعالى ضروريا قطعا لكنه باطل، لأنه يلزم منه أن يبطل التكليف بمعرفة الله تعالى. والثالث: باطل أيضا.