وأما الثاني: فلما تقدم من أن الأصل في الاستعمال الحقيقة.

الاعتراض عليه: هو أنا وإن سلمنا أن الأمر في الآيات المتلوة والكلمات المذكورة مستعمل في الفعل، لكنا لا نسلم أنه مستعمل فيه لخصوص كونه فعلاً، "ولم لا يجوز أن يكون مستعملاً فيه لعموم كونه شأنًا وصفة، وحينئذ لا يحصل مقصودكم. وهو أنه حقيقة في الفعل بخصوص كونه فعلاً، فإن" ذلك هو مذهبكم.

فإن قلت: هب أنه لا يثبت به مذهبنا، لكن ثبت به إبطال مذهبكم، وهو أنه حقيقة في القول المخصوص، أو في مدلوله، أو فيهما فقط، وهو مقصودنا أيضًا.

قلت: لا نسلم أنه يحصل ذلك المقصود أيضًا، وهذا لأن المقدمة الثانية ممنوعة على التقديرين، سواء كان المطلوب منه إثبات مذهبكم أو إبطال مذهب الخصم، وهذا فإن الإطلاق والاستعمال دليل الحقيقة عندنا إذا "لم" يلزم منه الاشتراك أو تكثيره، أما إذا لزم ذلك منه فلا نسلم أنه دليل الحقيقة، وعلى هذا التقدير وإن كان التجوز لازمًا وهو خلاف الأصل، لكنه خير من الاشتراك فكان التزامه أولى، والاستعمال فيما نحن فيه لو كان بطريق الحقيقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015