حاجته فوجب أن يكون مشروعًا؛ لأن جهة كونه مصلحة جهة الدعاء إلى الشرعية، فلو خرجت عن الدعاء لكان ذلك لمعارض لكن الأصل عدمه.
وتاسعها: أن إثبات الحكم تحقيق لمقصود بعثة الرسل فكان أولى من النفي.
وعاشرها: أن إثبات الحكم لا يقتضي بعض العلة الفلانية/ (356/ أ) التي ثبتت عليتها بالمناسبة أو بالإيماء أو بالسبر أو بالدوران أو غيرها من الطرق الدالة على علية الوصف بخلاف النفي فإنه يقتضي ذلك ضرورة حصوله في صورة الوفاق فكان الإثبات أولى.
واعلم أن ضعف بعض هذه الوجوه المذكورة في الإثبات والنفي بين يعرف ذلك مما تقدم من الأصول فلذلك لم نتعرض لذلك.
ثم اعلم أن ها هنا أنواعًا أخر من الاستدلالات وهي مفيدة للقطع غير مختصة بالنفي أو بالإثبات، بل هي مفيدة للنوعين لكنها غير مختصة بهذا الفن بل دخوله في هذا الفن كدخوله في غيره واحتياج هذا الفن إليه كاحتياج غيره إليه وهي فن مستقل بنفسه فلذلك لم نوردها في هذا الكتاب وإن كان أوردها بعض المتأخرين على خلاف عادة الأصوليين الأقدمين.
وإذ قد وصلنا إلى هذا الموضع فلنختم الكتاب حامدين لمفيض الخيرات ومنزل البركات، ومجيب الدعوات، وخاتم الأعمار بالأعمال الصالحات، ومبدل السيئات بالحسنات، ومصلين على أنبيائه ورسله ذوي المعجزات الباهرات والأنوار الساطعات، اللهم جنبنا عن الظلم والاعتساف، وحبب إلينا العدل والإنصاف وحقق آمالنا بالنجح والإسعاف، وجد علينا بالطول والإعفاف بمحمد وآله الطيبين الطاهرين نجز على يد أضعف الخلق