أو نقول: لا نسلم أن اتباع الأحسن مأمور به مطلقًا بل إذا كان على أحد (346/ أ) الوجهين فلم قلتم: إن الاستحسان اتباع الأحسن بأحد الوجهين المذكورين حتى يكون مأمورًا به، لا بد لهذا من دليل. سلمنا عدم لزوم الدور لكن المراد منه اتباع أحسن ما أنزل إلينا؛ إذ هو المتبادر من الآية، فلم قلتم أن الاستحسان مما أنزل إلينا فضلًا عن أن يكون من أحسنه.
وثانيها: قوله تعالى: {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم}.
ووجه الاستدلال به: أنه أمر باتباع الأحسن فلولا أنه حجة لما أمر باتباعه.
وجوابه ظاهر مما سبق.
والاحتجاج بقوله تعالى: {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها}.
والجواب عنه كما سبق فيما قبله.
ويخصه أنه شرع لمن قبلنا فلم قلتم أنه شرع لنا.
وثالثها: قوله عليه السلام: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن" ولولا أنه حجة لما كان عند الله حسنًا.
وجوابه: أن الجمع المحلى بالألف واللام للعموم فيكون المراد منه جميع المسلمين، فلم قلتم: إن الأخذ بالاستحسان مما رآه جميع المسلمين حسنًا حتى يمكنكم الاحتجاج عليه بالحديث؟
سلمناه لكنه خبر واحد فلا يثبت به أصل من الأصول.
سلمناه لكن إن كان المراد منه ما رآه المسلمون حسنًا بناءً على دليل وحجة