ولعله إنما قال ذلك؛ لاعتقاده أن حجتيه لو قيل بها فلبس على طريق الإجماع بل بغيره وهو الحق، وإذا كان كذلك فلم يكن لسكوت الغير في حجيته مدخل.
وثالثها: نص الشافعي- رضى الله عنه- على أنه إذا اختلف الصحابة فقول الأثمة الأربعة أولى، فإن اختلفوا فقول الشيخين أولما ا)، وذلك للخبرين المذكورين.
رابعها: نص في موضع آخر: (أنه يجب الترجيح بقول الأعلم والأكثر، قياسا لكثرة القائلين على كثرة الرواة، وإنما يجب الترجيح بقول الأعلم؛ لأن زيادة علمه تقوى اجتهاده وتبعده عن الإهمال والتقصير والخطأ.
وخامسها: اختلف قوله في ترجيح الحكم على الفتوى، أو الفتوى على الحكم عند اختلاف الصحابة في ذلك:
فتارة رجح الحكم على الفتوى؛ لأن الاعتناء به أكثر وأشد.
وتارة رجح الفتوى على الحكم؛ لأن سكوتهم عن الحكم محمول على الطاعة بخلاف الفتوى فكان السكوت أدلة على الرضا.
وسادسها: هل يجوز الترجيح في الأقيسة بقول الصحابي أم لا؟
اختلفوا فيه:
والحق أنه في محل الاجتهاد؛ إذ لا يمتنع أن يتعارض ظنيان بناء على القياسين، والصحابي في أحد الجانبين فتميل نفس المجتهد إلى موافقة الصحابي ويكون ذلك أغلب على ظنه، ويختلف الحكم باختلاف المجتهدين.