وأما العلم بالتوحيد فلا نسلم أنه يغير الدليل فإن أخباره عليه السلام عنه، ودعوته للناس إليه دليل عليه، فإنه يمكن الاستدلال بقول الرسول- عليه السلام- على كل ما تتوقف صحة الرسالة عليه، ولا شك أن صحة الرسالة لا تتوقف على التوحيد فيصح الاستدلال بقوله- عليه السلام- عليه والعلم بصحة الرسالة كلان حاصلاً لهم بدلالة المعجزات التي شاهدوها، أو نقلت إليهم بالتواتر.
وأما العلم بكونه فاعلاً مختارًا وليس موجبًا بالذات على سبيل التفصيل فغير معتبر بدليل أن الرسول ما كان يسال عن ذلك كل من كلان يؤمن، ولا كلان يخبوهم عن ذلك في تلك الحالة، ولو كان معرفته شرطا لصحة الايمان لسألهم عن ذلك أو أخبرهم به، ومحند هذا لو لحيل: إن حضور هذا بالبال غير معتبر في الإيمان فضلاً عن العلم به على سبيل التفصيل لكان فإن لم يكن كذلك فلا أقل من أن لا يعتبر العلم به تفصيلاً.
ورابعها: أن الصحابة والتابعين والعلماء في كل عصر إلى زمننا هذا لم ينكروا على من كان في زمانهم من العوام على ترك النظر في المسائل الكلامية مع أنهم كثر الخلق وتركهم النظر كان شائعًا ذائعًا، فلو معرفتها بالدليل شرطا لصحة الإيمان لما كان ذلك [ولما حكموا بإسلامهم]، ولم ينكروا أعليهم دل ذلك على أنه ليس بشرط لصحة الإيمان.
وجوابه: أنه إنما لم ينكروا، ذلك وحكموا بإسلامهم؛ لأن المعرفة