{وجادلهم بالتي هي أحسن} وقوله تعالى/ (328/ أ) {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} وكيف يقال ذلك وقد أثنى الله تعالى على التَفكرين في قوله تعالى: {ويتفكرون في خلق السموات والأرض} فإنه ذكره في معرض المدح والثناء، ومدح الله تعالى إبراهيم بقوله: {وتلك حجتنا أتيناها إبراهيم على قومه} وبه خرج الجواب عن السنة فإن التكلم فيه ما كان على وجه مرضى.
وأما قوله "عليكم بدين العجائز" فلم يصح، وبتقدير صحته يجب حمله على التسليم لقضاء الله تعالى وقدره جمعا بين الدليلين.
وأعلم أن كل ما ورد من الآيات والسنة في ذم الجدال وهو كثير على ما هو مذكور فيما صنف في هذا الباب فهو محمول على [الجدال بالباطل]، توفيقًا بينها وبين ما ورد في أنه مندوب إليه ومأمور له.
وثانيها: أن الأعرابي الجلف الجافي كان يحضر محند الرسول عليه السلام، ويتلفظ بكلمة الشهادة فكان- عليه السلام- يحكم بصحة إيمانه من غير أن يسأل منه أنه هل يعرف دليل الوجود والتوحيد، وكونه فاعلاً مختارًا أم لا؟ بل الظاهر منه الجهل بأدلة هذه الأشياء، ولو كان العلم بهذه الأشياء شرطًا لصحة الإيمان لما حكم بصحة إيمانه.