قلت: فلم لا يجوز مثله في مسائل الأصول؛ فإن الخصم لا يفرق بينهما، بل ربما يقول: إن النظر في الشرعيات مندوب إليه دون مسائل الأصول فإنه يكره ذلك فيها أو يحرم.
ولقائل أن يقول: إن صح أن المخالفين في المسالة باسرهم يقولون بانحطاط الإثم عن المخطئ في مسائل الأصول سواء كان مجتهدًا أو مقلدًا توجه ما ذكرتم، وإن لم يصح ذلك عنهم وهو الأصح فإنه لم يقل ذلك إلا أبو عبيد الله بن الحسن العنبري والجاحظ على ما تقدم في المجتهد، وقياسه يقتضى ثبوته في المقلد أيضا إن جوز الجاحظ التقليد فيه كصاحبه لم يصح أن يقال: إن الخصم لا يفوق بينهما، ولو لم يقل هذا بل اقتصر على قوله فلم لا يجوز مثله في مسائل الأصول.
قلنا: لما ذكرتم من الأدلة نحو الإجماع وغيره من أن المخطئ فيه آثم غير معذور.
واحتج الخصم بوجوه:
أحدها: أن النظر غير واجب؟ لكونه منهيًا عنه فيكون التقليد جائزًا، أما أن النظر غير واجب على تقدير كونه منهيًا عنه فظاهر، وأما أن التقليد حينئذ يكون جائزًا فهو أيضًا ظاهر، بقيت المقدمة الثالثة والدليل عليها الكتاب والسنة.
أما الكتاب فالآيات الدالة على النهى من الجدال نحو قوله تعالى: