وثالثها: أنه لو جاز له القبول قبل الاجتهاد لجاز له القبول بعد الاجتهاد واللازم باطل إجماعًا فالملزوم مثله.
وهو ضعيف؛ لأنه قياس خال عن الجامع.
سلمنا لكن الفرق ظاهر، وهو أن بعد الاجتهاد حصل له الظن القوى بالحكم فلا يجوز له العدول عنه إلى الظن الضعيف بخلاف ما قبل الاجتهاد فإنه لم يحصل له هذا الظن وإن كانت القدرة عليه حاصلة.
ورابعها: أنه لو جاز لبعض المجتهدين [من]، غير الصحابة أن يقلد المجتهد من الصحابة أن يقلد المجتهد من الصحابي لجاز لبعض المجتهدين [من]، الصحابة أن يقلد الآخر منهم وحينئذ يلزم أن لا يكون لمناظرتهم فيما وقع بينهم من المسائل الخلافية معنى"
وهو أيضًا ضعيف؛ لأنا لا نسلم أنه من الأول الثاني، وهذا لأن الوثوق باجتهاد الصحابي بسبب مشاهدة الوحى والتنزيل، ومعرفة نقل الدلائل والتأويل، والاطلاع على القرائن الحالية، والمقالية، وزيادة اختصاصه بالتشديد في البحث عن قواعد الدين، وتأسيس الشريعة، وعدم تسامحهم فيها أشد من غيرهم أكثر من الوثوق باجتهاد غير الصحابي، ومثل هذا التفاوت غير حاصل فيما بين الصحابة فلم يلزم من جواز تقليد المجتهد الغير صحابي للصحابي جواز تقليد المجتهد من الصحابي [للصحابي].
سلمناه لكن لا نسلم عدم جوازه، وهذا لأنه ذهب بعضهم إلى أنه يجوز للعالم تقليد الأعلم منهم، ولا نسلم أنه لا يكون لمناظرتهم حينئذ معنى؟ وهذا لأن فائدتها الاطلاع على المأخذ الراجح ليحصل منه الظن القوى، ولا يلزم من كون الرجل أعلم أن يكون دليل ما أدى إليه اجتهاده راجحًا دائما فالمناظرة تكشف عن ذلك.