وثانيها: أن يحصل التساوي في العلم، والتفاضل في الدين، فها هنا وجب الأخذ بقول الأدين وفاتا وهو ظاهر.

وثالثها: أن يكون بعضهم راجحًا في العلم، وبعضهم، في الدين، فالأظهر أنه يجب الأخذ بقول الأعلم؟ لأن الحكم مستفاد من علمه لا من دينه، وقياس مذهب من خير في الأول أن يرجح الأدين ها هنا.

فإن قلت: العامي ربما اغتر بالظواهر، نحو كثرة إقبال الناس عليه في الفتوى والقراءة عليه، وذلك قد لا يكون لفضيلته بل لأسباب أخر لا تخفى وقدم المفضول على الفاضل، فإن جاز له أن يحكم بغير بصيرة في ترجيح بعض العلماء على بعض فليجوز له أن يحكم في نفس المسالة بما يقع له ابتداء وإلا فأي فرق بين الأمرين.

قلت: العامي له أهلية الاجتهاد في ترجيح بعض العلماء على بعض دون حكم المسألة، وذلك لأنه لمكن أن يعلم أن الأفضل بالتسامع والقرائن نحو: إذعان العلماء له مع عدم الجاه والمنصب من غير بحث عق نفس العلم، ولا ينبغي أن يخالف الظن بالتشهي بخلاف حكم المسألة فإنه ليس له أهلية الاجتهاد بالنسبة إليه، وهذا كمن له طفل مريض وليس هو بطبيب، فإن سقاه دواء برأيه كان متعديًا ومقصرًا ولو راجع طبيبًا لم يكن مقصرًا فإن كان في البلد طبيبان وقد اختلفا في الدواء فمخالف الأفضل عد مقصرًا، ثم إنه يعلم ذلك بما تقدم من الطرق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015