فروع
الذين قالوا ليس في الواقعة حكم معين، اختلفوا في الأشبه على التفسير الذى تقدم ذكره، فمنهم من أثبته، ومنهم من نفاه، وهو الأظهر؛ لأن ذلك الأشبه إن كان هو العمل بأقوى الأمارات وهو موجود كان الأمر بالعمل به واردًا لإجماع الأمة على وجوب العمل بأقوى الأمارات، وحينئذ لا يكون ذلك قولاً بالأشبه إذ يعتبر فيه أن لا يكون هناك حكم بالفعل وعلى هذا التقدير يكون هناك حكم معين وهو العمل بأقوى الأمارات فلم يكن ذلك قولاً بالأشبه.
وإن كان غير موجودة لم يكن الأشبه- أيضًا- موجودًا؛ لأن الأشبه على هذا المدير هو العمل بأقوى الأمارات فإذا لم يكن أقوى الأمارات موجودًا لم يكن الأشبه موجودًا وإن لم يكن الأشبه هو العمل بأقوى الأمارات بل غيره فذلك الغير إن كان مصلحة العبد وقلنا: يجب على الله تعالى رعاية مصالح العباد وجب عليه التنصيص على ذلك الحكم ليتمكن المكلف من استيفاء تلك المصلحة، وحينئذ لا يكون ذلك قولاً بالأشبه.
وإن قلنا: انه لا يجب على الله تعالى رعاية المصالح فجار أن لا. ينص على ذلك الحكم بل على غيره، وذلك يبطل قولنا: أنه تعالى لو نمى على الحكم لما نمى الا على ذلك الحكم.
وإن كان مفسدة العبد فهذا باطل؛ لأنه ليس في الأمة من يوجب على الله شيئا لمفسدة العبد. وإن كان ذلك الغير لا مصلحة العبد ولا مفسدته فهذا أيضًا باطل؛ لأن القول بالوجوب على الله تعالى مع أن ذلك الواجب ليس مصلحة العبد ولا مفسدته قول لم يقل به أحد ولأن ذلك إنما يمكن أن لو قيل بعدم وجوب رعاية المصالح على الله تعالى، وكل من قال بذلك قال أنه لا يتعين على الله تعالى أن يحكم على وجه معين بل له أن يحكم بحكم