وسادسها: المجتهد مستدل بشيء على شيء، والاستدلال عبارة عن استحضار العلم بأمور يلزم من وجودها وجود المطلوب، ومعلوم أن ذلك يستدعى وجود الدليل متقدمًا عليه، والدليل يستدعى وجود المدلول متقدما عليه بالرتبة؛ لأن [دلالة]، الدليل على المدلول نسبية بينهما، والنسبة بين الأمرين متوقفة في الثبوت على ثبوت كل واحد منهما فوجود المدلول الذى هو المطلوب متقدم/ (314/ أ) على الاستدلال بمرتبتين والظن متأخر عنه لكونه أثره ونتيجته، فلو كان الحكم لا يحصل إلا بعد الظن الذى هو متأخر عن الاستدلال الذى هو متأخر عق الدليل الذي هو متأخر عن المدلول لزم تقدم الشيء على نفسه بمراتب وهو ممتنع قطعا.
وسابعها: المجتهد طالب، والطالب لابد له من مطلوب متقدم في الوجود على وجود الطلب فلابد من ثبوت الحكم قبل الطلب، وإذا كان كذلك كلان مخالفه مخطئًا.
لا يقال. مطلوب المجتهد إنما هو غلبة الظن الذى يترتب عليه الحكم لا الحكم الثابت قبله، وهذا كما يقال لمن أراد ركوب البحر: إن غلب على ظنك السلامة جار لك الركوب وإلا حرم، فمطلوبة في هذه الصورة غلبة الظن بالسلامة ويترتب عليه حكم الله من جواز الركوب وحرمته لأنا نقول: ليس المطلوب كلبة الظن كيف ما كان وفاقًا بل الظن الذي يحصل بالنظر في الأمارة، وذلك يتوقف على وجود الأمارة المتوقف على وجود ما هي أمارة عليه فيكون غلبة الظن موقوفًا على وجود المدلول بمراتب فلو كان وجود المدلول موقوفًا على غلبة الظن لزم الدور.