لو صرح بذلك لما عد مناقضا ومتهافتًا، فإنه لو قال: هذا راجح في ذهني ولا أدرى كونه راجحا في الخارج أم لا، لم يعد كلامه متهافتا ولا يوصف بالجهل عند عدم ظهور الرجحان في الخارج.
وأما ثانيًا: فلأنا لو سلمنا أن الرجحان في الاعتقاد لا يبقى مع اعتقاد كون وجود الشيء مساويًا لعدمه في الخارج لكن فيما له وجود في الخارج [فأما الشيء الذى لا وجود له في الخارج]، فلا يتصور فيه ذلك الاعتقاد فلا يمكن أن يقال فيه: أنه إما أن يكون نفس اعتقاد رجحانه في الخارج أو أمرًا لا يثبت إلا معه، ورجحان الادلة الظنية أمر إضافي غير حقيقي كما تقدم فلا يتصور فيه ذلك.
وأما ثالثًا: فلأن كون الرجحان في الذهن لا يبقى "عند اعتقاد كون وجود الشيء مساويًا لعدمه لا يدل على أنه عيق اعتقاد الرجحان في الخارج أو أمر لا يثبت إلا معه؛ وهذا لأنه قد يعتقد وجود الشيء مع الذهول عن ضده فضلاً عن اعتقاد عدمه، مع أنه لا يبقى ذلك الاعتقاد عند اعتقاد وجوده.
سلمناه لكن الدليل إنما يدل على أن الاعتقادين فيما ذكره من الصورة ليسا بمطابقين للمعتقد بل لابد وأن يكون أحدهما خطا لكن لا يلزم منه إن كل مجتهد في الحكم الشرعي ليس بمصيب؛ لأن رجحان الإمارة ليس حكمًا شرعيًا، نعم يلزم من خطأ الطريق خطأ الحكم لكن من جهة الطريق لا بمعنى عدم مصادفة الحكم الواقع في نفس الأمر الذى فيه النزاع دون القائلين، فإن القائلين بأن كل مجتهد مصيب اتفقوا أيضًا على إمكان الخطأ في الحكم من جهة الطريق وذلك بان يقصر في الاجتهاد.
وخامسها: المجتهد مأمور بالحكم عند نزول الواقعة وفاقًا، فإما أن يكون ذلك بناء على طريق، أو لا يكون بناء على طريق، والثاني باطل، لأن