المطلوب ولئن سلمنا إمكان حملها على الأحكام الاجتهادية، لكن ليس فيهما دلالة على أن البعض من المجتهدين ليس بمصيب، بل لو كان فيهما دلالة على عدم إصابة أحد فإنما تدل على عدم إصابة من ليس من الراسخين في العلم، ومن ليس من أهل الاستنباط فيحمل ذلك في حق العوام، [إذ لا يمكن على بعض المجتهدين، إذ ليس البعض أولى من البعض فيحمل في حق العوام، دفعًا للتعطيل.
وأما الآية الثالثة فالمراد منها: النهى عن الاختلاف والتفرق في أصول الدين كالتوحيد والنبويات وغيرهما، وكما يطلب فيه القطع واليقين دون الظن بدليل إجماع الأمة على أن المجتهد مأمور باتباع ظنه، ومنهى عن مخالفته، وهو أمو بالاختلاف في المجتهدات ضرورة اختلاف الظنون فيها فإن اتحاد الظنون فيها مستحيل عادة.
وثالثها: قوله عليه السلام: " من اجتهد وأصاب فله أجواق ومن أخطا فله أجو واحلى "وهو صريح في أن المجتهد يخطئ ويصيب وهو على [قول]، تصويب الكل محال.
وفيه نظر أيضا؛ لأنا نمغ أن ذلك على قول تصويب الكل محال؛ لأن القول بالخطأ متصور أيضًا على قولنا: إن كل مجتهد مصيب؛ وذلك فيما لا يستفرغ الوسع في النظر في الاجتهاد، فإن كان ذلك مع العلم بالتقصير فهو مخطئ وآثم، وإن كان بدون العلم به فهو مخطئ غير آثم، فلعل هذه الصورة هي المراد من الحديث.