عاصيًا مستحقًا للنار لما سبق في الأوامر، ولما أجمعت الأمة على بطلان هذه اللوازم، علمنا أنه ليس على الحكم دليل.
لا يقال: ما ذكرتم من الأدلة وإن كلان يقتضى ثبوت الاحكام المذكورة لكن غموض أدلة الأحكام، وكون التكليف باتباعها حرجا وضررًا أوجب تخصيصها بالنسبة إلى الأحكام المذكورة للنصوص النافية للعسو والحرج والضرر.
لأنا نقول: غموض أدلة الفروع لا تزيد على غموض أدلة الأصول، مع ما فيها من المقدمات الكثيرة، والشبه القوية، ثم لا يكون المخطئ فيه معذورًا بل الخطأ فيه إما كفر، أو بدعة وضلال، فما نحن فيه أولى أن لا يكون المجتهد معذورا فيه.
ولقائل أن يقول. المطالب في الأصول جليلة، لكونها تتعلق بذات الله وصفاته ومعدودة معينة غير متناهية فيتناسب تغليظ الامر فيه حتى تتوفر الدواعي على طلب أدلتها التي هي محصورة بخلاف مطالب الفروع فإنها ليست من رتبة المطالب الأصولية، وهى أيضًا غير متناهية، فلم يمكن التنصيص عليها فناسب أن يخفف الأمر فيه بعدم تفسيق المخطئ، وعدم تضليله، لكى يكون ذلك باعثًا وداعيًا إلى كثرة النظر والاجتهاد بحسب ما يمنع من الوقائع، وهذا لأن خوض الانسان فيما أمن غائلته أكثر من الذي لا يأمن فيه ذلك فلم يأمن من التكفير أو التبديع والتضليل في أصول الدين بخلاف الفروع.
وأما بطلان القسم الثاني وهو أن لا يكون على الحكم المعين في الواقعة دليل فلأنه حينئذ يلزم أن يكون التكليف (308/ أ) بذلك الحكم تكليفًا بما لا يطاق، وأنه غير جائز، أو وإن كان جائزًا لكن أجمعت الأمة على أن هذا النوع