إفتاء المخالفين، وتوليتهم في الدماء والفروج، ولو كان المصيب واحدًا والباقي مخطئًا لما ساغ اتفاقهم على ذلك كما لا يجوز اتفاقهم على الخطأ والأمر بالمنكر أو النهى عن المعروف.

وجوابه: أن عندنا يتغير التكليف عند العجز عن الوصول إلى الحكم فيصير حكم الله تعالى في حق المجتهد ما أدى اليه اجتهاده، وحينئذ لا يكون ذلك الحكم إذ ذاك خطأ وإن خطأ كان بالنسبة إلى الحكم الواقع في نفس الأمر.

سلمنا أنه لا يتغير التكليف لكن إنما لم ينكر بعضهم على بعض المخالفة لكون المخطئ غير معين، ومع ذلك يجب على كل واحد من المجتهدين أن يعمل بما غلب على ظنه فلا يكون الانكار سائغًا إذ ذاك على أحد منهم، وبه ظهر الفرق بين ما نحن فيه، وبين ما قاسوا عليه فإن الخطأ معين في المعين عليه.

ورابعها. لو كان في الواقعة حكل معين في نفس الأمر، لكان إما أن يكون عليه دليل، وأعنى بالدليل: القدر المشترك بين ما يقيد القطع، والظن، أو لا يكون عليه دليل، والقسمان باطلان فبطل القول بكون الحكم معينًا في نفس الأمر.

أما الملازمة فظاهرة.

وأما بطلان القسم الأول، فلأنه لو كان على الحكم دليل لكان المجتهد متمكنًا من تحصيل العلم، أو الظن به فكان الحاكم بغيره حاكمًا بغير ما أنزل الله فيلزم تكفيره لقوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فسأولئك هم الكافرون} ويلزم تفسيقه لقوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} ولكان تاركة تاركًا لما أمره الله تعالى به، فيكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015