المسألة الثانية في تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية

المسألة الثانية

في تصويب المجتهدين في الأحكام الشرعية.

وطريق ضبط مذاهب الناس فيه أن يقال: الواقعة التي وقعت إما أن يكون عليها نص، أو لا يكون.

فإن كان الأول: فإما أن يكون وجده المجتهد أو لم يجده، والثاني على قسمين، لأنه اما قصر في طلبه أو لم يقصر، فإن وجده وحكم بمقتضاه فلا كلام، وإن لم يحكم بمقتضاه فإن كان مع العلم بوجه دلالته على المطلوب فهو مخطئ وآثم وفاقًا، وإن لم يكن مع العلم به فإن قصر في البحث عنه فكذلك، وإن لم يقصر في البحث عنه بل بالغ في طلبه وتفكر ولم يعثر على وجه دلالته على المطلوب فحكمه كحكم ما إذا لم يجده مع الطلب الشديد والبحث التام وسيأتي/ (306/ أ) وإن لم يجده فإن كان ذلك لتقصيره في طلبه فهو أيضًا مخطئ وآثم في ذلك، وإن لم يقصر في ذلك بل بالغ في تفتيشه وأفرغ الوسع في طلبه ومع ذلك لم يجده بأن خفى عليه الراوي الذي عنده النص، أو وإن عرفه لكنه مات قبل وصوله إليه فهو آثم قطعًا وهو مخطئ أو هو مصيب فهو على الخلاف الذى يأتي فيما لا نص فيه وأولى بان يكون مخطئا، ووجه الأولوية ظاهر.

وأما التي لا يكون عليها نص، فإما أن يقال: لله تعالى فيها قبل اجتهاد المجتهد حكم معين، أو لا يكون فيها حكم معين بل حكمه فيها تابع لاجتهاد المجتهد فهذا الثاني قول من قال: إن كل مجتهد مصيب، وهو مذهب جمهور المتكلمين منا كالشيخ أبى الحسن الأشعري والقاضي أبى بكر، ومن المعتزلة كأبي الهذيل وأبي علي وأبي هاشم وأتباعهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015