لما ذكرنا من الأدلة، وقد أجبنا عن الاعتراضات التي أوردت عليها فبقيت سليمة عن القوادح فيعسر دلالتها على نفى ما ذكرتم من الاحتمال فإنه مجرد احتمال غير قاح في وجه دلالة الدليل.
واحتج الخصم: بأن المكلف لو لم يكن مأمورًا من الاعتقاد بما غلب على ظنه أنه صواب لكان إما أن يكون مأمورًا بما غلب على ظنه أنه صواب على وجه التخيير وهو إما على الاطلاق، أو بشرط مطابقته للمعتقد، فالأول يحصل الغرض، لأنه إذا لم يكن مأمورًا بالاعتقاد الذي مخلب على ظنه أنه صواب سواء كان مطابقًا أو غير مطابق ولو على وجه التخيير بينه وبين العلم وجب أن يخرج عن عهدة التكليف بما غلب على ظنه أنه صواب وإن لم يكن مطابقًا فوجب أن لا يعاقب عليه ولا يذم بسببه وهو المطلوب.
والثاني على قسمين: لأنه إما أن يكون يشترط في ذلك أن يعلم ذلك بناء على طريق، أو لا يشترط فيه ذلك.
والأول يقتضي أن لا يكون ذلك الاعتقاد [تقليدًا ولا ظنًا وهو خلف، فإنه إذا علم ذلك أن ذلك الاعتقاد] صواب لم يكن ذلك القسم الذى نحن فيه وهو ما غلب على ظنه أنه صواب فيكون خلفًا.
والثاني يقتضي أن يكون ذلك التكليف على عماية وهو ممتنع.
وجوابه: أنه استدلال في مقابلة النصوص والإجماع فكان باطلاً.