بالنار من غير فصل بين المعاند وغيره مع استحالة كون كلهم معاندين عادة فلو كان المجتهد متهم معذورًا لما كان كذلك.
فإن قيل: الذم إنما توجه على الكافر، والكافر إنما هو الساتر؛ إذ الكفر في اللغة هو: الستر ومنه يقال للمزارع: كافر ويقال: ليل كافو ساتو، ومنه قيل: كفر النجوم ظلامها، والأصل عدم التغيير، وهو إنما يصدق على الذى عرف الحق وستره، فأما الذى ما عرف ذلك بك عرف أن ما عدا دينه الذي هو عليه بلطل فلا يصدق عديه أنه كافر؛ إذ لا يصدق عليه أنه ساتر.
سلمنا أنه يصدق عليه لكن يجب تخصيصه عنه لما سنذكر من الدلالة عليه.
سلمنا عدم التخصيص لكن إنما ذمهم على ظنهم، فلعلهم ما عولوا في أنظارهم على ما هو دليل عندهم وفي اعتقادهم وإن كان شبهة في نفس الأمر فإن الشبهة دليل في اعتقاد من اشتبه عليه، ولوكان ما تمسكوا به شبهة لكان يجب أن يفيد لهم العلم، ولما لم يكن كذلك دل على أنهم عولوا على ما اعتقدوه أنه يفيد الظن مع أن المطالب يقينية فلا جرم ذمهم.
قلنا: لا نزاع أن الكفر في اللغة قد جاء بمعنى الستر، لكنا ندعي أنه صار في عرف الشرع حقيقة في من انتحل دينًا مخصوصًا سواء عرفه حقًا أو باطلاً، والتغيير وان كان خلاف الأصل لكنه يصار إليه عند قيام الدلالة عليه وها هنا كذلك:
أما أولاً: فلتبادر الذهن إليه عند سماع لفظ الكافر من غير فهم معنى الستر.
وأما ثانيًا: فلأن كثيرًا من العوام يعرفون معنى الكافر مع أنهم لم يعرفوا