وإن كانا قياسين جرى بينهما الترجيح أيضًا، وقد عرفت بعض ما يترجح به القياس، وستعرف الباقي إن شاء الله تعالى.

وإن كانا مختلفين فإن كان أحدهما نصا ظنيا والآخر إجماعا ظنيا قيل:

ما كان دليله الإجماع راجح؛ لأنه لا يقبل النسخ، والتخصيص، والدليل اللفظي يقبلهما، وهذا صحيح لكن بشرط التساوي في الدلالة، فأما إذا اختلفا في ذلك فالحق أنه يتبع فيه الاجتهاد، فما تكون إفادته للظن أكثر فهو أولى، فإن الإجماع وإن لم يقبل النسخ والتخصيص لكن ربما تضعف دلالته على المطلوب بالنسبة إلى الدلالة اللفظية فقد يجبر النقص بالزيادة وقد لا يجبر فيقع فيه الاجتهاد.

وإن كان أحدهما نصًا أو إجماعًا، والأخر قياسًا كان ما دليله النص أو الإجماع راجح على ما دليله القياس؛ لأن الذين جوزوا أن يكون حكم الأصل ثابتًا بالقياس اتفقوا على أن الأصل الذى ثبت حكمه بالنص أو بالإجماع أولى منه لكونه متفقًا عليه، ولأن الذى ثبت حكمه بالقياس لابد وأن ينتهى بالأخرة إلى ما ثبت حكمه بالنص وإلا لزم التسلسل، وهو ممتنع، فيكون الذى ثبت حكمه بالنص أصله والفرع لا يكون أقوى من الأصل.

وكذا ما ثبت حكمه بالإجماع راجح على ما ثبت حكمه بالقياس، وأن كان [دليل حكم أصل أحد القياسين قطعيًا]، ودليل حكم أصل القياس الأخر ظنيا عمل بالأول؛ لأنه قياس أحد مقدماته قطعي والأخر كل مقدماته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015