احتج الأولون بوجوه:
أحدها: السبر والتقسيم يفتقر إلى ثلاث مقدمات، لأنه لا يتم إلا إذا دل دليل على أن الحكم في الأصل معلل، وأن العلة إما هذا الوصف أو ذاك، وإنه ليس ذاك فيتعين/ (285/ 1) هذا فهذه ثلاث مقدمات لابد للسبر منها، فالذي يدل على هذه الثلاثة ليس نصا قاطعا صريح الدلالة وإلا لكانت المقدمات قطعية وليس كلامنا في السبر الذى مقدماته قطعية بل إما نص ظني، أو إيماء، أو طرق عقلية من المناسبة أو الدوران أو غيرهما [فإن كانت طرقا عقلية فإما أن تكون تلك الطرق المناسبة أو غيرها فإن كانت هي المناسبة أو غيرها] فإن كانت هي المناسبة فهي أولى من السبر.
أما أولاً: فلافتقار السبر إليها حينئذ واستغنائها عنه.
وأما ثانيا. فلأن المناسبة وحدها كافية في إثبات الحكم في صورة إثبات الحكم بالمناسبة وهى غير كافية وحدها في صورة إثبات الحكم بالسبر فكانت المناسبة أولى.
وأما إن كانت تلك الطرق غيرها فالمناسبة أيضا أولى. لأنها أولى من سائر الطرق العقلية مع أنها [وحدها]، كافية في إثبات الحكم.
وإن كان دليل تلك المقدمات الإيماء فإن شرط في الوصف المومي إليه المناسبة فالمناسبة أولى لما تقدم، وإن لم يشترط فكذلك لقلة المقدمات في المناسبة وكثرتها في السبر، فإن مع تلك المقدمات الثلاث يحتاج إلى مقدمات الإيماء الذى يدل على تلك المقدمات الثلاث ومجموعها يزيد على مقدمات المناسبة فكانت المناسبة الأولى.