وأما رابعاً: فلأنه أقرب إلى الضبط.
وعاشرها: العلة بمعنى الباعث أولى من العلة بمعنى الأمارة لكونه متفقًا عليه، ولأن قبول الطباع لها أكثر، ولان فعل حكمه أسهل وأيسر.
المسألة الثانية
في ترجيح القياس بحسب الدليل الدال على وجود علته واعلم أن العلة التي علم وجودها مقدمة على ما ظن وجودها سواء كان العلم بوجودها بديهيا أو ضروريا، أو نظريًا، عقليًا كان، أو نقليًا أو مركبا منهما، وسواء قلت المقدمات أو كثرت، وهذا ظاهر لا شك فيه، وليس هو من قبيل ما نحن فيه من الترجيحات، وإنما الغرض أن ما علم وجوده بطريق من هذه الطرق هل يترجح على ما علم وجوده بطريق آخر من هذه الطرق آم لا؟ مثلاً: ما علم وجوده بطريق البداهة، أو الحس، هل يترجح على ما علم وجوده بالنظر والاستدلال أم لا؟ فذهب بعضهم وهم الأكثرون إلى أنه لا يجري الترجيح بين العلتين المعلومتين، سواء كانت إحداهما معلومة بالبديهة والأخرى بالنظر والاستدلال، وهذا على قياس ما سبق في النص فإنا قد ذكرنا أنه لا يجرى الترجيح بين المعلومات بناء على أنه لا يقبل احتمال النقيض فلا يقبل التقوية.
وكلام أبى الحسين يدل على أن العلة المعلومة تقبل الترجيح، ولا شك في جريان ذلك في النص وإلا فلا فرق فعلى هذا لا شك أن البديهيات والحسيات راجحة على النظريات.