الخبر، أو أهل المدينة، أو أكثر الأمة، أو عملوا على خلافه، والخبر لا يجوز إخفاؤه عليهم، والآخر ليس كذلك، فالثاني راجح على الأول خلافا لبعضهم كالغزالي في غير أهل المدينة، فإن ما ليس بدليل لا تكون موافقته مرجحه عندهم.
والحق أنه يصلح أن يكون مرجحا وكميته ظاهرة هذا إذا لم يجعل ترك بعض الصحابة أو أهل المدينة الخبر دليلاً على نسخه، أو أنه لا أصل له وهو الحق، وكذا اتفاق الأكثر على مقتضى الخبر لا يجعل إجماعًا، فأما إذا جعل كذلك في الكل فليس هو من هذا القبيل بل هو من باب تقديم الدليل على ما ليس بدليل، وإذا اعتضد كل واحد من الدليلين بغير ما اعتضد به الأخر، لكن ما عضد أحدهما راجح على ما عضده الأخر، فما عضده الراجح راجح على ما ليس كذلك، فعلى هذا لو عملن بكل واحد من الخبرين بعض الأمة لكن أحد البعضين أعرف بمواقع الوحى والتنزيل، وبكيفية الدلالة والتأويل، فما وافقه البعض الذى شأنه ما ذكرنا أولى من الذى ليس كذلك، وكذلك إذا كان كل واحد من الخبرين مؤولا لكن أخد التأويلين بعيد، والآخر قريب، أو دليل تأويل أحدهما راجح على الأخر.
وثالثها: إذا دل أحد الخبرين على الحكم وعلته، والأخر على الحكم فقط
أو على العلة فقط، فما دله على الأمرين راجح على ما دل على أحلى هما، أما بالنسبة إلى الأول فلانه يوجب سرعة الانقياد وسهولة القبول فيحصل حينئذ مطلوب الشارع من تحصيل ذلك الفعل من المكلفين.
وأما بالنسبة إلى الثاني فقط، فلان اقتضاء العلة الحكم يوقف على وجود الشرائط وانتقاه الموانع فلا يحصل ظن الحكم إلا بعد الشرائط وانتفاء الموانع