أنه أفاد قول الواحد ظنا معتبرًا في وجوب العمل، وهذا لأنه لو أفاد لما جاز لهم توقيف الأمر على شهادة الآخر، بل إنما توقف النبي- عليه السلام- وأبو بكر وعمر، لأن قول الواحد ما أفاد لهم الظن المعتبر في وجوب العمل به لأجل التهمة فلما شهد الأخر بذلك زالت التهمة، وبهذا أجيب عنه عن احتجاج من احتج بهذا على إجماع الصحابة على رد خبر الواحد، وحينئذ يكون الاستدلال به غير وارد على محل النزاع.
وثالثها: أن الرواة إذا كثروا جدًا حصل بقولهم العلم، فالعدد الذى هو أقرب إلى تلك الكثرة كثر افادة للظن وإلا لما حصل اليقين بالانتهاء إلى تلك الكثرة، ضرورة عدم حصول ما بعد تلك المرتبة من الظن وإن لكل عدد من إعداد تلك الكثرة [قدر من الظن إلى أن ينتهى إلى العلم بتلك الكثرة].
ورابعها: أن قول الواحد يفيد قدرًا من الظن، فإذا انضم إليه الأخر فإن حصلت زيادة بسببه فقد حصل الغرض، وإن لم يحصل لزم أن يكون الشيء/ (257/ أ) مع غيره كهو لا مع غيره، ولزم أيضا اجتماع المؤثرين المستقلين على الاثر الواحد، ولزم أيضا جواز أن لا يحصل بانضمام الثالث والرابع زيادة على ذلك، وحينئذ يلزم عدم إفادة عدد التواتر لليقين واللوازم ممتعة فالملزوم مثله.
وخامسها: أن احتراز العدد عن تعمد الكذب أكثر من احتراز الواحد منه، وكذا بعده عن الغلط والسهو والنسيان كثر من بعد الواحد عنهما، وحينئذ يلزم أن يكون الظن الحاصل بقوله أقوى من الظن الحاصل بقول الواحد.
وسادسها: أن احتراز العاقل عن كذب يعرف اطلاع غيره عليه أكثر من احترازه عن كذب لا يشعر به غيره.
وسابعها: إذا تعارض دليلان فلابد وأن يكونا متساويين في القوة في ذهن