قد انتهى إليه لكن لم يتنبه له للملالة أو غيرها، أو وإن تنبه له لكنه لم يذكره اختصارًا للمصنف ولعل هذا هو السبب الأكثر في هذا الباب.
وثالثها: أنه وإن ذكر في المسألة الواحدة قولن في وقت واحد، لكن لم يقل: قولان لي، بل قال: فيها قولان، فلعل القولين لغيره وإنما ذكرهما في كتابه على سبيل الحكاية كما تقدم ذكره ليطلع فيه عليهما وعلى مأخذهما، وإيضاح القول في كل واحد منهما وعليهما.
وأيضًا فإنه قد يلوح للإنسان ما ينوى أحد ذينك القولين لكن لا يمكنه القول به لظنه أنه قول حادث، خارق للإجماع، فإذا نقل القولين عرف أن المصير إليه ليس خرقا للإجماع، ثم أن الناقل ذكر القولين ونسبهما إليه- رضى الله عنه- لظنه كذلك فهذا لا يكون عيبا على الإمام الشافعي- رضى الله عنه- بل على الناقل حيث جزم بالنسبة إليه مع احتمال أن لا يكون كذلك.
وأيضًا: فإنه يحتمل أن يكون المراد من القولين: الاحتمالين وإنما سماهما قوفي وذكرهما دون ما عماهما من الاحتمالات، لانهما بحيث يمكن القول بهما دون ما عداهما من الاحتمالات فإنه قد يكون ظاهر البطلان.
فأما الاحتمالان المذكوران فإنهما قويان، بحيث يمكن نصرة كل واحد منهما بوجوه جلية ظاهرة، ولا يقدر على تمييز الحق منهما عن الباطل إلا البالغ في التحقيق بالنظر الدقيق فلا جرم أفردهما بالذكر، دون سائر الاحتمالات الممكنة في المسالة. فالحاصل أن تسميتها قولين مجاز باعتبار الصلاحية والصيرورة أي أنهما صالحان لان يكونا قولن وأنهما يمكن أن يصيرا قولين وهو أحد أسباب المجاز القوية.
ورابعها: أن ينص على القولين من غير أن يرجح أحدهما على الأخر بناء على تساوى أمارتيهما إما في ذهنه أو في الخارج إن جوز ذلك ولم يوجد