بخلاف التعادل الذهني فإنه يوقف فيه إلى أن يظهر المرجح.

وإن وقع للمفتي كان حكمه أن يخير المستفتي في العمل بأيهما شاء، هذا ما ذكره الإمام.

ومنهم من نقل أنه يجب عليه أن يجزم بمقتضى أحدهما دفعا للتخيير عن المستفتي.

وهذا فيه نظر؛ لأنه ليس في التخيير بين الأخذ بأي الحكمين شاء تخير.

والأظهر أن المفتي فيه بالخيار بين أن يجزم له الفتيا، وبين أن يخيره إذ ليس في كل واحد منهما مخالفة دليل ولا فساد فيسوغ له الأمران ولأن الحاكم يجب عليه الجزم على ما ذكره والعامل لنفسه مخير على ما تقدم والمفتي داثر بينهما فينبغي أن يسوغ له الامران نظرًا إلى الجانبين، وإن وقع للحاكم وجب عليه التعين لا غير، لأن الحاكم نصب لقطع الخصومات فلو خير الخصمين لم تنقطع خصومتهما، لأن كل واحد منهما يختار الذى هو أوفق له، وليس كذلك حال المفتي.

فإن قلت: فهل للحاكم أن يقضى في الحكومة بحكم إحدى الأمارتين، بعد أن كان قضى فيها من قبل بالأمارة الأخرى؟

قلت: لا يمتنع ذلك عقلاً، كما إذا استوى عنده جهتا القبلة، فإن له أن يصلى مرة إلى جهة، ومرة إلى جهة أخرى.

وكما إذا تغير اجتهاده فإنه إذا قضى بحكم في قضية ثم تغير اجتهاده فيها إذا وقعت مرة أخرى فإنه يجب عليه أن يحكم بما أدى إليه اجتهاده ثانية لكن منع منه دليل شرعي، وهو ما روى أنه عليه السلام قال لأبي بكرة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015