أحد التقديرين مباح وعلى الآخر حرام، ولو كان ذلك إباحة للفعل لما جاز ذلك كما لو صرح له بالإباحة ثم صرح له بالحرمة ويؤكده، أنه يجب عليه اعتقاد الإباحة على تقدير الأخذ بأمارتها، ويجب اعتقاد الحرمة على تقدير الأخذ بأمارتها، ولو كان ذلك ترجيحا لأمارة الإباحة لما اختلف وجوب الاعتقاد.
ومثاله في الشرع: أن المسافر مخير بين أن يصلى أربعا فرضا وبين أن يترك ركعتين فلو صلى أربعا وقع الكل فرضا، ولو صلى ركعتين وقعتا أيضا فريضتين، ولا يقال: [إنه]، لما خير بين فعل الركعتين وبن تركهما كانتا مباحتين.
وكذلك من استحق أربعة دراهم على غيره، فقال: تصدقت عليك بدرهمين إن قبلتَ، وإن لم تقبل، وأبيت قبلت الكل عن الدين الواجب [فإذا أتى بالأربع وأخذه المستحق كان كله واقعا عن الدين الواجب]، مع أنه كان يجوز للمديون أن يأتي به وأن لا يأتي به.
فالحاصل أن كون الشيء يجوز فعله وتركه بناء على [أمرين]، يثبت أحدهما فعله، والآخر تركه كالمقتضى والنافي لا يقتضى أن يكون ذلك الفعل مباحًا وإن فعله بناء على - المقتضى له أو تركه بناء [على النافي فكذا ما نحن فيه، فإن المكلف إذا ترك الجمع بين الأختين بناءً على] قوله