منهم من يوجب ذلك محتجا بأن المناظرة تلو الاجتهاد، والاجتهاد يتوقف عليه، فوجب أن يكون الأمر في المناظرة كذلك فيكون الترجيح جوابه يتم به الاجتهاد فيكون جزؤ الدليل، فلو لم يذكره المستدل لم يكن ذكر تمام الدليل بل بعضه.

واعلم أن هذا يتجه إذا كان الدليل المعارض لحكم الفرع معلومًا للمجتهد، أو كان ظاهرًا جليًا، فأما إذا كان خفيا غير معلومًا له فلا؛ لأنه لا يجب عليه الترجيح بالنسبة إلى ما لا يعلمه في الاجتهاد فضلاً عن أن يكون [في المناظرة، فالحاصل أن المناظر تلو المجتهد فما يجب عليه في إثبات الحكم يجب، على المناظر في المناظرة].

ومنهم من لم يوجب ذلك لما في تكليف ذكره من الحرج والمشقة.

ومنهم من فصل فقال: إن كان الترجيح بأمور خارجية نحو تكثير الأدلة، أو كون الحكم حظرًا، أو إباحة، أو غير ذلك، فلا يجب، صان لم يكن كذلك بل لأمور عائدة إلى ذات العلة بأن يكون ما به الترجيح صفات لذات العلة فيجب ذكره ذاكرًا لتمام الدليل بخلاف النوع الأول فإنه أمر خارج عن الدليل لا يتوقف عليه الدليل، لا في ذاته ولا في صفاته بل يتوقف عليه إعماله لا غير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015