وأيضًا فإن حق المعترض أن يكون هادما لا بانيا، والمعارضة في حكم الفرع بناء لا هدم، بخلاف المعارضة في الأصل فإن حاصلها يرجع إلى منع المقدمة، وهو كون الحكم معللاً بما ذكر من الوصف وهو مقدمة من مقدمات قياس المستدل، فلا يلزم من قبول المعارضة في الأصل قبول المعارضة في الفرع.
وقبله الباقون وهم الأكثرون؛ لأنه وإن لم يكن هدما لكن يلزم منه هدم ما بناه المستدل بمعارضة دليله بدليله، ولا حجر عليه في سلوك طرق الهدم لاسيما إذا تعين المعارضة له بان كانت مقدمات دليل المستدل صحية فحينئذ لو لم تقبل المعارضة في الفرع لبطلت فائدة المناظرة واختلت فائدة البحث والمحاورة.
وجوابه: دفعه بالقدح فيه بكل ما يقدح به في الدليل وبالمعارضة، فإن لم يكن فبالترجيح على الأصح.
ومنهم من أنكر قبول الترجيح، لأن ما ذكره المعترض وإن ثبت أنه مرجوح بالنسبة إلى ما ذكره المستدل، لكن لا يخرج بذلك عن أن يكون اعتراضا على الدليل فيحتاج إلى الجواب.
وهو ضعيف جدًا؛ لأن الاعتراض المرجوح لا يجب الجواب عنه اكتفاء بظهور وجه الدلالة وهل يجب على المستدل أن يذكر في دليله ما يومئ إلى الترجيح؟