فيقول المعترض. لا نسلم أن الكفارة شرعت زجرًا عن الجماع الذي هو محذور الصوم بخصوصيته، بل زجرًا عن الإفطار الذي هو محذور الصوم وهو شامل للموضعين أعنى الجماع والإفطار.
ونحوه أيضًا قولنا: فيما إذا قتل المسلم الذمي: قتل غير مكافٍ له فوجب أن لا يجب عليه القصاص كما إذا قتل الحربي، فيقول الخصم: لا نسلم أنه قتل غير مكاف له؛ وهذا لأن المكافأة في جميع الأمور غير معتبرة وفاقًا/ (240/ أ) بل في بعضها، فلم قلت أن الإسلام مما يجب رعاية المكافأة فيه حتى لا يجب القصاص، وسبيل الجواب فيه: أن يبين أن ذلك الوصف حاصل في العلة معتبر فيها مثلاً أن يقول في المثال الأول: أنه عليه السلام رتب الكفارة على الجماع لأن الأعرابي لما سأل عن ذلك أوجب عليه الكفارة كان نازلاً منزلة قوله: جامعت في نهار رمضان فكفر، وترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية على ما سبق تقريره فوجب أن تكون العلة هو الجماع بخصوصيته لا الإفطار بعمومه؛ لأنه لم يترتب على عموم الإفطار.
ونحوه أيضًا في المثال الثاني، فإنه (لما) قال عليه السلام: "لا يقتل مسلم بكافر" دل على أنه لا يقتل لكونه مسلما لما سبق، وللمناسبة فوجب أن لا يكون الكافر مكافئًا له.
الاعتراض السادس
التقسيم.
وهو في الاصطلاح: عبارة عن تردد اللفظ بين احتمالين متساويين أحدهما مسلم لا يحصل المقصود، والآخر ممنوع وهو يحصل المقصود.
أما إنه يجب أن يكون مترددًا بين معنيين فلأن معنى التقسيم ينبئ عنه، فإن اللفظ إذا لم يكن مترددًا بين احتمالين لم يكن للتقسيم والترديد فيه معنى
وأما الثاني فلأنه لو لم يكن الاحتمالان متساويين بل كان اللفظ في أحدهما