لأبي حنيفة -رضي الله عنه -في المسألة قياسًا واستحسانًا فالقياس أنه يبطل به، والاستحسان أنه لا يبطل به بل ينتهي أن غايته فهذا خفي فإن بين البطلان والانتهاء اشتراكًا ظاهرًا، وفرقًا خفيًا، فإنه لا يصير منقطعًا، وهذا اختيار اأستاذ أبى إسحاق.
وقال الشيخ الغزالي -رحمه الله -: "يتبع في ذلك عرف المكان الذي هو فيه، ومصطلح أهله في ذلك، فإن كانوا يعدون ذلك انقطاعًا فإنه يصير به منقطعًا وإلا فلا، وقد نقل عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي أنه لا يصير به منقطعًا، ولا يجب عليه ذكر الدلالة على الحكم أيضًا بل له أن يقول. إنما قست على أصلى.
وهذا بعيد جدًا: لأن القياس على أصل غير ثابت حكمه عند الخصم لا بطريق الاعتقاد ولا بطريق الدلالة عليه لا ينتهض دليلاً على الخصم، نعم يستقيم ذلك إذا فرع على مذهب نفسه لكن لا يتصور في ذلك منع ولا تسليم [فإن قلت]: إذا كان اللفظ الدال على ثبوت حكم الأصل عامًا وهو ينقسم إلى ممنوع الحكم، وغير ممنوع الحكم، فإذا منعه الخصم بناء على أن الحكم غير ثابت في جميع أفراد العام وليس للمستدل دليل على إثبات ذلك الحكم على سبيل العموم فهل يصير بذلك منقطعًا، أم له أن يقول: إنما قست على تلك الأفراد التي ثبت الحكم فيها دون الجميع أو وإن قست على جميع تلك الأفراد لكن إذا خرج بعض تلك الأفراد عن أن يكون أصلاً بقى الباقي صالحًا لذلك فلا يبطل قياسي بالكلية. [قلت]: الأشبه أنه لا يصير منقطعًا بمجرده وله أن يجيب عن منعه بالاحتمال الأول دون الثاني، وذلك لأنه لما قاس على جميع تلك الأفراد ولم يصح له ذلك كمن ادعى دلالة